(وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَألـْتُموهُ) (١).
فكذلك العترة الطاهرة ، أئمّة الحقّ المعصومون (عليهم السلام) ، وإذا كان القرآن مصاحباً للحقّ من مبدأ ظهوره وصدوره إلى منتهى نزوله وهبوطه ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وإنّه حيّ لا يموت ، فهو المظهر التامّ لله سبحانه ، فهو في كلّ زمان جديد وعند كلّ قوم غضّ إلى يوم القيامة ، كذلك العترة الطاهرة (عليهم السلام) ، وهما مظهران تامّان للإسم المهيمن ، وحيث إنّ الإمام المعصوم قرآن ممثّل يوجد في كلماته محكمات ومتشابهات كالقرآن العلمي ، فهما نور إلهي متنزّل من الله سبحانه ، وإنّ الإنسان الكامل الإمام المعصوم إنّما هو ترجمان القرآن الكريم ، فلا يصحّ الفرق بينهما بأن يقال : « حسبنا كتاب الله » أو : حسبنا ما جاء عن العترة الطاهرة ، ويتمسّك بأحدهما دون الآخر ، إذ كلّ واحد من دون الآخر بمنزلة تركهما معاً ، فلا يجوز التفريط والإفراط فيهما ، فكلّ واحد منهما جاهلية جهلاء ، فالحياة العقلية اتّباعهما كما جاء في حديث الثقلين : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » (٢).
فخلق الإنسان إنّما كان بين علمين وبين قرآنين ، وهذا إنّما يدلّ على كرامة الإنسان وفضيلته وشرافته على جميع المخلوقات :
(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَني آدَمَ) (٣).
ثمّ هدى الله الإنسان النجدين : نجد الخير ونجد الشرّ ، وجعل فيه الاختيار
__________________
١ ـ إبراهيم : ٣٤.
٢ ـ المصدر : ٤١ ، عن مسند الإمام الرضا (عليه السلام) ١ : ١٠٦.
٣ ـ الإسراء : ٧٠.