ثمّ يقول : إذا تقرّر ذلك فلنعد إلى ذكر الآداب المختصّة بالمتعلّم مع شيخه ، حسب ما قرّره العلماء ، تفريعاً على المنصوص منها ، وهي اُمور :
١ ـ أن يقدّم النظر فيمن يأخذ عنه العلم ، ويكتسب حسن الأخلاق والآداب منه ، وقد مرّ بيان ذلك ، بأنّ الطالب لا بدّ أن يختار المعلّم الصالح ، العامل بعلمه.
٢ ـ أن يعتقد في شيخه أنّه الأب الحقيقي والوالد الروحاني ، وهو أعظم من الوالد الجسماني. وقد ورد في الخبر الشريف : الآباء ثلاثة : أب ولّدك ، وأب زوّجك ، وأب علّمك ، وهو أفضلهم ، فيؤدّي حقّ الاُبوّة ولا يكون عاقّاً لوالده ، وقد سئل الاسكندر : ما بالك توقّر معلّمك أكثر من والدك؟ فقال : لأنّ المعلّم سبب لحياتي الباقية ، ووالدي سبب لحياتي الفانية.
وما أروع ما ينقل عن الشريف الرضي ، أنّه كان أبيّ النفس لم يقبل الهدايا ، فوهبه اُستاذه داراً ، فأبى قائلا : لا أقبل الهديّة حتّى من أبي. فقال له اُستاذه : ولكنّي اُستاذك وأباك الروحاني ، فقبل منه الهديّة.
وحكي عن السيّد موسى الصدر في أيّام زعامته ، دخل قم المقدّسة ، وفي طريقه رأى شيخاً كبير السنّ فانحنى ليقبّل ركبتيه ، فتعجّب من كان معه وسألوه عن سبب ذلك؟ فقال : لقد قرأت ألفيّة ابن مالك عند هذا الشيخ ، فهو اُستاذي ، ولا بدّ لي من تقديره واحترامه.
فاحترام الأساتذة والعلماء وتوقيرهم يعني توقير الله سبحانه ، وأنّه من أسباب التوفيق وهو أمر واجب على كلّ مسلم ، لا سيّما طلاّب العلوم الدينية.
فعدم احترامهم ذنب لا يغتفر وسبب للشقاء والهلاك ، وقصر العمر والحرمان من تحصيل العلم والعمل الصالح.