على المنبر يقول : لا يحلّ لأحد أن يروي حديثا عن رسول الله لم يسمع به في عهد أبي بكر ولا عهد عمر (١).
وعن معاوية أنّه قال : أيّها الناس ! أقلّوا الرواية عن رسول الله ، وإن كنتم تحدّثون ، فحدّثوا بما كان يُتَحدَّث به في عهد عمر (٢).
وهذه النصوص توضّح لنا انقسام المسلمين إلى اتجاهين :
١ ـ اتّجاه الشيخين ومن تبعهما من الخلفاء ، فإنّهم كانوا يكرهون التدوين ويحضرون على الصحابة التحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله.
٢ ـ اتّجاه جمعٍ آخر من الصحابة قد اتّخذوا التدوين مسلكاً ومنهجاً حتّى على عهد عمر بن الخطاب ، منهم علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وأنس بن مالك وأبو سعيد الخدري وأبوذر وغيرهم.
فترى هؤلاء يدوّنون ويحدّثون وإن وضعت الصمصامة على أعناقهم ، لقول الراوي : أتيت أباذر ـ وهو جالس عند الجمرة الوسطى ـ وقد اجتمع الناس عليه يستفتونه ، فأتاه رجل (٣) فوقف عليه ثمّ قال : ألم تُنْهَ عن الفتيا ؟ (٤)
فرفع رأسه إليه فقال : أرقيب أنت عليَّ ؟ لو وضعتم الصمصامة على
______________________________
(١) الطبقات الكبرى ٢ : ٣٣٦ وعنه في السنة قبل التدوين : ٩٧.
(٢) كنز العمال ١ : ٢٩١.
(٣) هو فتى من قريش كما في تاريخ دمشق ٦٦ : ٩٤. وفي فتح الباري ١ : ١٤٨ « وبيّنّا أنّ الذي جابهه رجل من قريش ».
(٤) قال ابن حجر في فتح الباري ١ : ١٤٨ « إنّ الذي نهاه عن الفتيا عثمان ».