وكذلك ابن عباس كان يقول : « لا أجد في كتاب الله إلاّ غسلتين ومسحتين » (١).
وكان أنس بن مالك ـ خادم رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ يعارض رأي الحجاج الذاهب إلى غسل القدمين ـ بحجة أنّه أقرب شيء للخبث ـ بقوله : صدق الله وكذب الحجاج ، قال تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) (٢).
والمقصود الأوّل هنا هو تدليلات الإمام علي بالكتاب والسنة ودحض الرأي ، وهذا بخلاف وضوءات عثمان المدعية لمحض الرؤية والمتشبّثة بما لا يمتّ إلى أصل أفعال الوضوء بصلة ، فكأنّ الإمام عليّاً أراد أن يشير إلى اجتهاد عثمان في الوضوء ودحضه.
٧ ـ وبعد هذا كله فإنّنا لا نرى في وضوءات الإمام علي ولا ابن عباس ولا أنس ولا غيرهم من الماسحين تلك الضحكات والتبسمات ، ولا إشهادات الخائف الطارح لفكر جديد ، ولا تبرّعات بالتعليم لمجرّد سماع مضمضة ، ولا غيرها مما ذكرناه في الوضوءات العثمانية ، بل نرى الحالة حالة طبيعية منسجمة مع سير الأمور في تعليم الوضوء النبوي صلىاللهعليهوآله
______________________________
(١) السنن الكبرى ، للبيهقي ١ : ٧٢ ، مسند أحمد ٦ : ٣٥٨. وقال ابن عباس بسند صحيح على شرط البخاري : الوضوء غسلتان ومسحتان. انظره في مصنف عبدالرزاق ١ : ١٩ / ح ٥٥.
(٢) تفسير الطبري ٦ : ٨٢ ، تفسير ابن كثير ٢ : ٤٤ ، تفسير القرطبي ٦ : ٩٢. وكان أنس بن مالك يقول : نزل القرآنُ بالمسح. انظر ذلك في تفسير ابن كثير ٢ : ٤٤ ، والدر المنثور ٢ : ٢٦٢.