قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقائل : القول ما قال عمر ، وهذا إن كشف عن شيءٍ فإنما يكشف النقاب عن وجود الاتجاهين حتّى آخر لحظة من حياة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وأنّ اتجاه الاجتهاد بالرأي كان قويّاً ومؤثرا في مسير تاريخ المسلمين وفقههم وحياتهم ، وذلك هو الذي شرّع التعدديّة وحجيّة الرأي بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله.
ولا يخفى عليك أنّ ما يهمّنا بحثه هنا هو معرفة ( وضوء النبي صلىاللهعليهوآله ) من خلال بيان ملابسات التشريع الإسلامي على وجه العموم ، وما يتعلق بوضوء رسول الله صلىاللهعليهوآله بوجه خاص.
لقد علمنا بوجود تيارين في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآله : متعبّد ، ومجتهد ، وبقاءهما إلى آخر لحظة من حياة النبي صلىاللهعليهوآله ، ولظروف شتّى صار زمام الخلافة بيد رؤساء الاجتهاد والرأي بعد النبي صلىاللهعليهوآله ، فكان من جملة ما اتخذوه من قرارات هو معارضتهم للتحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله لأمور رأوها.
فجاء في تذكرة الحفاظ : أنّ الصدّيق جمع الناس بعد وفاة نبيهم ، فقال : إنكم تحدّثون عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشدّ اختلافا ، فلا تحدّثوا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله شيئاً ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه (١).
______________________________
(١) تذكرة الحفاظ ١ : ٢ ـ ٣ ، حجية السنة : ٣٩٤.