توضأت كما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله يتوضأ ، أو نحو أو مثل وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهذه الجمل لها دلالة نفسية على جعل وضوئه هو الميزان والقول الفصل.
ومنها : انحصار القبول وغفران الذنوب بالوضوء الثلاثي ـ خصوصاً مع عدم نقله للوضوء الثنائي والأحادي الغسلات ، رغم ورود ذلك عن جم غفير من الصحابة والتابعين ـ فهو يشير إلى تبنّي عثمان للوضوء الثلاثي الغسلي لا غير.
ومنها : وجود جملة « لا يحدّث نفسه بشيء » (١) في وضوءاته ، والتي احتملنا كونها جاءت لتزكية نفسه وإبعاد الشبهة عنه ، إمعاناً في إضفاء المشروعية على وضوئه.
ومنها : عدم تكلّم عثمان في أثناء وضوئه ، ليطبع عليه طابع الهالة والقدسية ، حتّى أنّه لم يكن يردّ سلام المسلِّم في أثناء وضوئه ، معلِّلاً ذلك بما رواه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله من أنّ من توضّأ وتشهّد ولم يتكلّم بينهما غفر له ما بين الوضوءَين ، مع أن ردّ السلام واجب وليس هو كسائر الكلام ـ على فرض صحة رواية عثمان (٢) ـ.
______________________________
(١) ففي سنن النسائي ( المجتبى ) ١ : ٦٥ ، وسنن البيهقي ١ : ٤٨. عن حمران أنّه رأى عثمان توضّأ وضوءه الجديد ثم قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله توضّأ وضوئي هذا ، ثم قال [ عثمان ] : من توضّأ مثل وضوئي هذا ثم قام فصلّى ركعتين لا يحدّث نفسه بشيء غفر الله له ما تقدّم من ذنبه. وانظر قول عثمان هذا في سنن الدارمي ١ : ١٧٦.
(٢) اُنظر : كنز العمال
٩ : ٤٤٢ / ٢٦٨٨٧ و ٢٦٨٨٥ و ٢٦٨٨٨ ، وسنن الدارقطني