كل تلك الأدلة والقرائن والشواهد جعلتنا نطمئنّ إلى أن عثمان كان هو البادئ بالخلاف ، والآتي بالوضوء الثلاثي الغسلي الجديد.
بقي علينا أن نوضّح السبب ـ أو الاسباب ـ التي دعت عثمان إلى إحداث هذا الوضوء الثلاثي الجديد ، وللإجابة عن ذلك رأينا أوّلاً أن ننظر في سبب مقتله ، لأننا توصلنا إلى أنّ السبب الأكبر الذي دعا قاتليه إلى قتله هو إحداثاته في الدين ، لا مجرّد تصرّفاته وسوء سياسته المالية والإدارية ، وذلك من خلال ملاحظة القضايا الرئيسية التالية :
١ ـ إن طلحة والزبير كانا من أوائل المؤلّبين عليه والمفتين بقتله ، مع أنّ عثمان أغدق عليهما الأموال بشكل عجيب (١) ، وكذلك الأمر بالنسبة لعبدالرحمن بن عوف (٢) ، مضافا إلى وعد عثمان إياه بالخلافة (٣) ، وهكذا
______________________________
١ : ٩٢ / ح ٥.
(١) فقد وهب لطلحة خمسين الفاً كما في الطبري ٤ : ٤٠٥ ، ووصله بمائتي الف وكثرت مواشيه وعبيده ، وقد بلغت غلته من العراق وحدها الف دينار يومياً ، ولمّا مات كانت تركته ثلاثين مليوناً من الدراهم ، وكان النقد منها مليونين ومائتي الف درهم ومائتي الف دينار. وانظر في أموال الزبير وضخامتها كتاب : الفتنة الكبرى ١ : ١٤٧.
(٢) كانت أموال ابن عوف الف بعير ومائه فرس وعشرة آلاف شاة وأرضاً كانت تزرع على عشرين ناضحاً. انظر : مروج الذهب ٢ : ٣٣٣.
(٣) حيث قال له الإمام
علي يوم السقيفة : والله ما فعلتها إلاّ لأنك رجوت منه ما