علي ابن يقطين ـ من زعم أنّك من الرافضة. وصلحت حاله عنده.
وبعد ذلك ورد عليه كتاب من أبي الحسن : « ابتدئ من الآن يا علي بن يقطين ، توضّأ كما أمر الله ، اغسل وجهك مرّة فريضة وأخرى إسباغاً ، واغسل يديك من المرفقين كذلك ، وامسح بمقدّم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك ، فقد زال ما كان يُخاف عليك ، والسلام » (١).
وفي هذا دلالة كافية على أنّ السلطة ـ ومَنْ حولها ـ قد اتخذت الوضوء الثنائي المسحي ، سبيلاً لكشف الشيعة في القصر الهاروني ؛ لأنّ الوضوء أمر عبادي يتكرّر فعله كلّ يوم قبل الصلاة ، فهو أوضح شاخص فقهي يُعرَف به « الرافضة » كما في تعبير هارون الرشيد.
وعلى كلّ حال ، فقد استمر الخلاف الوضوئي باحتدام وشدّة ، فكان المحدثون من أصحاب مدرسة التعبد المحض لا يرون إلاّ الوضوء النبوي الثنائي المسحي ، وكانت الدولة وأتباعها ـ من فقهاء منع التحديث ، ومن مدرسة الاجتهاد والرأي ـ لا ترى إلاّ الوضوء العثماني الثلاثي الغسلي.
وحين حصرت الدولة العباسية المذاهب الإسلامية بالمذاهب الأربعة ـ وهي جميعاً من مدرسة الاجتهاد والرأي ـ ودُوّنت آراؤهم الفقهية ، كان من ضمنها الوضوء العثماني ، الذي أكدوا عليه أيَّ تأكيد ، واختلفوا في فروضه وسننه وآدابه وكيفيته أشد الاختلاف مما يقف عليه المطالع في كتبهم الفقهية ، فاتّسعت الفجوة اتساعاً كبيراً بحيث تعسّر ويتعسر رأبها ،
______________________________
(١) الارشاد ٢ : ٢٢٧ ، مناقب ابن شهر آشوب ٤ : ٢٨٨ ، الخرائج والجرائح ١ : ٣٣٥ ، إعلام الورى : ٢٩٣.