واللافت للنظر أن أبا بكر وعمر لم يكونا بمنأىً عن الاجتهاد ، بل نرى لهما نصيباً من الاعتراض على رسول الله صلىاللهعليهوآله وعدم امتثال أوامره صلىاللهعليهوآله (١) ، وخصوصاً عمر بن الخطّاب الذي خالفه في مفردات كثيرة :
كاعتراضه على النبي صلىاللهعليهوآله في صلاته على المنافق (٢) ، واستيائه من قسمة قسمها النبي صلىاللهعليهوآله (٣) ، ومواجهته للنبي بلسان حادٍّ في صلح الحديبية (٤) ، ومطالبته النبي صلىاللهعليهوآله أن يستفيد من مكتوبات اليهود في الشريعة (٥) ، وقوله في أخريات ساعات حياة النبي صلىاللهعليهوآله : إنّه ليهجر (٦) أو غلبه الوجع.
وهكذا وهلمّ جرّاً في الاجتهادات التي خولف بها رسول الله صلىاللهعليهوآله في حياته ، غير ناسين أنّ المسلمين بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله حين دعا بالقلم والدواة ليكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده أبدا ، فمن قائل : أنفذوا ما
______________________________
(١) الاصابة ١ : ٤٨٤ ، حلية الأولياء ٣ : ٢٢٧ ، البداية والنهاية ٧ : ٢٩٨ ، مسند أحمد ٣ : ١٥.
(٢) تاريخ المدينة لابن شبة ١ : ٣٧٢ ، الدر المنثور ٣ : ٢٦٤ ، كنز العمال ٢ : ٤١٩ / ح ٤٣٩٣.
(٣) مسند أحمد ١ : ٢٠ عن الاعمش عن شقيق عن سلمان بن ربيعة ، ومسلم في الزكاة.
(٤) تاريخ عمر لابن الجوزي : ٥٨.
(٥) المصنف لعبدالرزاق ١٠ : ٣١٣ ، مجمع الزوائد ١ : ١٧٤.
(٦) صحيح البخاري ١ : ٣٩ كتاب العلم ، وكتاب المرضى ٤ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٥٧ ، ١٢٥٩.