اجل : ان الامبريالية الثقافية والفكرية هي من اخطر اشكال الاستعمار والغزو الغربي ، حيث يقضي في البداية علىٰ الفكر والعصبية ، ويغير طريقة فهمنا للدين ويفتح الطريق لاستقرار افكاره في عقولنا ، وبعد ذلك يبدأ غزوه الاقتصادي والعسكري ، فلو لم يكن هناك غزو فكري وامبريالية ثقافية ، لما تمكن من غزونا اقتصادياً وعسكرياً بهذه السهولة.
وان أول من كشف النقاب عن وجه الاستعمار الاوروبي الكرية وكشف دسائسه في محو الاخلاق الفضيلة من المجتمعات هم المثقفون المسلمون الذين وقفوا في مقدمة المواجهة مع الغزو الثقافي الاستعماري الغربي.
ولهذا السبب طرح علماء المسلمون الجزائريون هذا الشعار في جهادهم ضد المستعمر :
« الاسلام ديننا والعربية لساننا والجزائر وطننا »
لانهم احسوا آنذاك ان فرنسا لم تأت لتبشر بالحضارة الجديدة ، او الاستهلاك الجديد ، او لتحصل علىٰ منافع مادية وتنهب الثروات فقط ! لا انها جاءت لمسخ الانسان وتغيير التاريخ ، جاءت لسحق جميع قيمنا الانسانية ... انهم حسّوا بذلك ولان الاستعمار الفرنسي كان يطلق هذا الشعار :
فلتكن الفرنسية لغتكم وفرنسا وطنكم والمسيحية دينكم !
فقد اطلقوا هم ايضاً شعارهم الذي ذكرناه من قبل ، هذا هو المعنىٰ الحقيقي للمثقف والواعي والتقدم والفهم السياسي والاجتماعي المناهض للاستعمار ، لا ان نقلد الاوروبيين في كل كلمة وخطوة.