للقيام بمراسيم اخرىٰ
، لا يؤمن بها خلفاء بني العباس الىٰ حدّ ما ، وهي زيارة صحن الامامين العسكريين عليهماالسلام
(١) فرأىٰ
صحناً مجللاً وكبيراً ، وافواج من الناس داخله اليه وخارجه منه ، في منتهىٰ الأدب والخضوع ، يزورون قبرا الامامين وعيونهم تذرف الدموع لصاحبي هذين القبرين ، وقلوبهم مفعمة بحبهما. وبعد أن أتمَّ المستنصر مراسيم الزيارة
، ورأىٰ تلك المشاهد ، خرج من الصحن واتجه الىٰ قبور آبائه القريبة من الصحن الطاهر ، لكي يقرأ الفاتحة عليها !!! دخل المكان فوجد بناء القبر شبيه بالخربة ، وقبورها بمستوىٰ سطح الارض ، والغبار يعلوها ، فيما تكدّست عليها فضلات الطيور ولا أحد يأتي لقراءة الفاتحة ، فأخذ يقارن في نفسه بين حرم العسكريين وجلاله وقبور آبائه الخربة والتي تبعث الحزن في نفسه ، فالتفت إليه أحد المتملّقين من حاشيته ، وقال : يا خليفة المسلمين ، إلىٰ متىٰ تصبر علىٰ هذا العار
والهوان ، هذه قبور آباءك الذين كانوا حكام البلدان الاسلامية في حياتهم ، وكانت خزائنهم مليئة ________________
(١) تجدر الاشارة الىٰ زيارة ائمة الشيعة عليهمالسلام ، وبالاضافة الىٰ ابعادها التربوبية ، فيها أجر خاص طبقاً للروايات الواردة ، والهدف الاساس والحقيقي لزيارة قبور الائمة عليهمالسلام ، لكي يتأمّل المسلم في الطريق الذي خطّه الامام عليهالسلام في حياته والفضائل العلمية والانسانية التي كان يمتلكها ، ويتذكّر مواقفهم الخالدة والصريحة امام الظالمين ، فهم ائمة ويجب الاقتداء بهم.
كما ان معاني نصّ الزيارة ، جميعها دروس وعبر ( طبعاً تلك التي لها اساس حقيقي وليست موضوعة ) ، لكي يجدد الانسان الذي يقرأها ويفهم معانيها ، عهده مع الامام عليهالسلام ويهيء نفسه للعمل بها ، لكن يجب الاعتراف بهذه الحقيقة المرّة ، وهي ان الزيارة ومثل العديد من المسائل الاسلامية ، اضحت خالية من محتواها الحقيقي ، ولم يبق منها الّا الشكل ، كما ان بعض الظلمة استفادوا من المشاهد المقدّسة وسخروها لصالحهم من اجل كسب الشرعية عند الجماهير ، في حين انهم يختلفون اساساً ومنطقاً مع روح الاسلام والامام عليهالسلام.