وأثره نفوذ الإرادة فيما يقدر عليه ، وبعبارة ساذجة : الملك ـ بالكسر ـ متعلق بالفرد ، والملك ـ بالضم ـ متعلق بالجماعة.
وحيث كان الملك في نفوذ الإرادة بالفعل مقيدا أو متقوما بالقدرة فإذا تمت القدرة وأطلقت كان الملك ملكا مطلقا غير مقيد بشيء دون شيء وحال دون حال ، ولبيان هذه النكتة عقب تعالى قوله:« لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ » بقوله : « وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ».
واختتمت السورة بهذه الآية الدالة على الملك المطلق ، والمناسبة ظاهرة ، فإن غرض السورة هو حث العباد وترغيبهم على الوفاء بالعهود والمواثيق المأخوذة عليهم من جانب ربهم ، وهو الملك على الإطلاق فلا يبقى لهم إلا أنهم عباد مملوكون على الإطلاق ليس لهم فيما يأمرهم به وينهاهم عنه إلا السمع والطاعة ، ولا فيما يأخذ منهم من العهود والمواثيق إلا الوفاء بها من غير نقض.
(بحث روائي)
في تفسير العياشي ، عن ثعلبة بن ميمون عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر عليهالسلام : في قول الله تبارك وتعالى لعيسى : « أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ » ـ قال : لم يقله وسيقوله ، إن الله إذا علم أن شيئا كائن أخبر عنه خبر ما قد كان.
أقول : وفيه ، أيضا عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام : مثله ، وحاصله أن الإتيان بصيغة الماضي في الأمر المستقبل للعلم بتحقق وقوعه ، وهو شائع في اللغة.
وفيه ، عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليهالسلام : في تفسير هذه الآية : « تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ ـ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ » ، قال : إن اسم الله الأكبر ثلاثة وسبعون حرفا ـ فاحتجب الرب تبارك وتعالى منها بحرف ـ فمن ثم لا يعلم أحد ما في نفسه عز وجل.
أعطى آدم اثنين وسبعين حرفا فتوارثها الأنبياء ـ حتى صار إلى عيسى عليهالسلام فذلك قول عيسى : « تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي » ـ يعني اثنين وسبعين حرفا من الاسم الأكبر ـ يقول : أنت علمتنيها فأنت تعلمها : « وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ » ـ يقول : لأنك احتجبت بذلك الحرف ـ فلا يعلم أحد ما في نفسك.