بين يدي جليس له قط.
ولا خير بين أمرين إلا أخذ بأشدهما ، وما انتصر لنفسه من مظلمة حتى ينتهك محارم الله ـ فيكون حينئذ غضبه لله تبارك وتعالى ، وما أكل متكئا قط حتى فارق الدنيا ، وما سئل شيئا قط فقال لا ، وما رد سائل حاجة قط إلا أتى بها أو بميسور من القول ، وكان أخف الناس صلاة في تمام ، وكان أقصر الناس خطبة وأقلهم هذرا ، وكان يعرف بالريح الطيب إذا أقبل ، وكان إذا أكل مع القوم ـ كان أول من يبدأ وآخر من يرفع يده ، وكان إذا أكل أكل مما يليه ، فإذا كان الرطب والتمر جالت يده ، وإذا شرب شرب ثلاثة أنفاس ، وكان يمص الماء مصا ولا يعبه عبا ، وكان يمينه لطعامه وشرابه وأخذه وعطائه ـ فكان لا يأخذ إلا بيمينه ، ولا يعطي إلا بيمينه ، وكان شماله لما سوى ذلك من بدنه ـ وكان يحب التيمن في جميع أموره ـ في لبسه وتنعله وترجله.
وكان إذا دعا دعا ثلاثا ، وإذا تكلم تكلم وترا ، وإذا استأذن استأذن ثلاثا ، وكان كلامه فصلا يتبينه كل من سمعه ، وإذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه ، وإذا رأيته قلت : أفلج وليس بأفلج.
وكان نظره اللحظ بعينه ، وكان لا يكلم أحدا بشيء يكرهه ، وكان إذا مشى كأنما ينحط في صبب ، وكان يقول : إن خياركم أحسنكم أخلاقا ، وكان لا يذم ذواقا ولا يمدحه ، ولا يتنازع أصحاب الحديث عنده ، وكان المحدث عنه يقول : لم أر بعيني مثله قبله ولا بعده صلىاللهعليهوآله.
٢٥ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقسم لحظاته بين أصحابه ـ فينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية. قال : ولم يبسط رسول الله صلىاللهعليهوآله رجليه بين أصحابه قط ، وإن كان ليصافحه الرجل ـ فما يترك رسول الله صلىاللهعليهوآله يده من يده ـ حتى يكون هو التارك ـ فلما فطنوا لذلك كان الرجل إذا صافحه مال بيده ـ فنزعها من يده.
٢٦ ـ وفي المكارم ، قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا حدث بحديث تبسم في حديثه.
٢٧ ـ وفيه ، عن يونس الشيباني قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : كيف مداعبة بعضكم بعضا؟ قلت : قليلا. قال : هلا تفعلوا؟ فإن المداعبة من حسن الخلق ، وإنك