ومخدوم وخادم بإلغاء الامتيازات والاختصاصات الحيوية ، والتسوية بين الأفراد في حرمة نفوسهم وأعراضهم وأموالهم ، والاعتناء بشعورهم وإرادتهم ـ وهو الاختيار التام في حدود الحقوق المحترمة ـ وأعمالهم وما اكتسبوه وهو تسلطهم على أموالهم ومنافع وجودهم من الأفعال فليس لوالي الأمر في الإسلام إلا الولاية على الناس في إجراء الحدود والأحكام وفي أطراف المصالح العامة العائدة إلى المجتمع الديني ، وأما ما تشتهيه نفسه وما يستحبه لحياته الفردية فهو كأحد الناس لا يختص من بينهم بخصيصة ، ولا ينفذ أمره في الكثير مما يهواه لنفسه ولا في القليل ، ويرتفع بذلك الاسترقاق التغلبي بارتفاع موضوعه.
وعدل ولاية الآباء لأبنائهم فلهم حق الحضانة والحفظ وعليهم حق التربية والتعليم وحفظ أموالهم ما داموا محجورين بالصغر فإذا بلغوا بالرشد فهم وآباؤهم سواء في الحقوق الاجتماعية الدينية ، وهم أحرار في حياتهم ، لهم الخيرة فيما رضوا لأنفسهم.
نعم أكدت التوصية لآبائهم عليهم بالإحسان ومراعاة حرمة التربية ، قال تعالى : « وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ، وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ » : لقمان : ١٥ وقال تعالى : « وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً ، وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً » : الإسراء : ٢٤ وقد عد في الشرع الإسلامي عقوقهما من المعاصي الكبيرة الموبقة.
وأما النساء فقد وضع لهن من المكانة في المجتمع واعتبر لهن من الزنة الاجتماعية ما لا يجوز عند العقل السليم التخطي عنه ولو بخطوة ، فصرن بذلك أحد شقي المجتمع الإنساني وقد كن في الدنيا محرومات من ذلك ، وأعطين زمام الازدواج والمال وقد كن محرومات أو غير مستقلات في ذلك.
وشاركن الرجال في أمور واختصصن عنهم بأمور واختص الرجال بأمور كل ذلك عن مراعاة تامة لقوام وجودهن وتركيب بناهن ، ثم سهل عليهن في أمور شق فيها على الرجال كأمر النفقة وحضور معارك القتال ونحو ذلك.