أخر ذكرها عليه السلام في متن الرواية ، والآية ـ كما ترى ـ تذكر أن الله سبحانه سيفصل يوم القيامة الطيب من الخبيث ويميز بينها تمييزا تاما لا يبقى في قسم الطيب من خلط الخباثة شئ ، ولا في سنخ الخبيث من خلط الطيب شئ ثم يجمع كل خبيث برد بعضه إلى بعض وإلحاق بعضه ببعض ، ويرجع الآثار والأعمال حينئذ إلى موضوعاتها ، وترد الفروع إلى أصولها لا محالة ، ولازم ذلك اجتماع الحسنات جميعا في جانب ورجوعها إلى سعادة الذات الذي لا تمازجه شقاوة أصلا ، واجتماع السيئات جميعا في جانب ورجوعها إلى منشئها الخالص في منشئيته ، وهو الذي تبينه الرواية.
قوله عليه السلام : أخبرني يا إبراهيم عن الشمس الخ تمثيل بظاهر الحس على كون الأثر مظهرا لمؤثره مسانخا له قائما به ملازما لوجوده ، وقوله عليه السلام : هذا والله القضاء الفاصل الخ ، هذا مع كونه بحسب بادئ النظر خلاف العدل مبني على ما تحكم به الضرورة من وجوب المناسبة والسنخية بين الفاعل وفعله والمؤثر وأثره ، ولازمه الحكم بأن كل فعل من الافعال إنما يملكه من الفواعل ما يناسبه في ذاته لا ما لا يناسبه ، وإن كان قضاء النظر السطحي المعتمد على ظاهر الحس بخلافه.
فالفعل من حيث كونه حركات كذا وسكنات كذا فهو للموضوع الذي يتحرك ويسكن بها ، وأما من حيث كونه معنى من المعاني حسنة أو سيئة ومن آثار السعادة أو من آثار الشقاوة فإنما هو لذات سعيدة أو شقية تناسبه في وصفه ، ولو كان هناك موضوعان لهما حكمان مختلفان ثم وجد شئ من حكم كل في الآخر فإنما هو الامتزاج وقع بين الموضوعين واختلاط بمعنى أن وراء هذا الفعل موضوعه الأصلي القائم بأمره وإن ظهر في ظاهر النظر في غير موضوعه كالحرارة الظاهرة في الماء التي عاملها الأصلي نار أو شمس مثلا وإن كانت صفة بارزة في الماء ظاهرا فالحرارة للنار مثلا وإن ظهرت في الماء وهذا مما لا يرتاب فيه الخبير بالأبحاث الحقيقية.
وعلى هذا تكون الحسنات للمحسنين ذاتا والسعداء جوهرا وسنخا ، والسيئات للمسيئين ذاتا والأشقياء طينة وأصلا بحسب ظرف الحقيقة ووعاء الحق فهو الذي يقتضيه العدل الحقيقي.
ولا يناقضه أمثال قوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل