المحشر من موقفهم إلى الجنة فينجي الله الذين آمنوا ويسقط الظالمون من الناس في النار فما المانع من أن يكون الحجاب الموعود مضروبا عليه والأعراف في الحجاب؟.
على أنه فات منه أن أحد الأقوال في معنى الأعراف أنه الصراط كما رواه الطبري في تفسيره عن ابن مسعود ورواه في الدر المنثور عن ابن أبي حاتم عن ابن جريح قال : زعموا أنه الصراط.
وأما قوله : « هذا بعيد عن نظم الكلام وسياقه جدا » فأوضح فسادا فسياق هذه الانباء الغيبية والنظم المأخوذ فيها يذكر لنا أمورا بنعوت عامة وبيانات مطلقة معانيها معلومة ، وحقائقها مبهمة مجهولة إلا المقدار الذي تهدي إليه بياناته تعالى ، ويوضع بعض أجزائه بعضا ، ولا يأبى ذلك أن يقصد ببعض النعوت المذكورة فيها رجال معينون بأشخاصهم إذا انطبقت عليهم الأوصاف المذكورة فيها ، ولا أن ينطبق بعض البيانات على بعض في موارد مع تعدد البيان لفظا كالعدل والميزان مثلا.
فهذه اثنا عشر قولا ويمكن أن يضاف إلى عدتها قولان آخران :
أحدهما : أنهم المستضعفون ممن لم تتم عليهم الحجة ولم يتعلق بهم التكليف كالضعفاء من الرجال والنساء والأطفال غير البالغين ، ويمكن أن يدرج في القول الثاني المتقدم بأن يقال : إنهم الذين لا تترجح أعمالهم من الحسنات أو السيئات على خلافها سواء كان ذلك لعدم تمام الحجة فيهم وتعلق التكليف بهم حتى يحاسبوا عليه كالأطفال والمجانين وأهل الفترة ونحوهم أو لأجل استواء حسناتهم وسيئاتهم في القدر والوزن فحكم القسمين واحد.
الثاني : أنهم الذين خرجوا إلى الجهاد من غير إذن آبائهم فاستشهدوا فيها فهم من أهل النار لمعصيتهم ومن أهل الجنة لشهادتهم وعليه رواية ، ويمكن إدراجه في القول الثاني.
والأقوال المذكورة غير متقابلة جميعا في الحقيقة فإن القول بكونهم أهل الفترة والقول بكونهم أولاد الكفار إنما ملاكهما عدم ترجح شئ من الحسنات والسيئات على الآخر فيرجعان بوجه إلى القول الثاني ، وكذا القول بكونهم أولاد الزنا نظرا إلى أنهم لا مؤمنون ولا كفار ، وكذا رجوع القول التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني