عشر إلى القول الأول بوجه.
فأصول الأقوال في رجال الأعراف ثلاثة :
أحدها : أنهم رجال من أهل المنزلة والكرامة على اختلاف بينهم في أنهم من هم؟ فقيل : هم الأنبياء ، وقيل : الشهداء على الأعمال ، وقيل : العلماء الفقهاء ، وقيل : غير ذلك كما مر.
والثاني : أنهم الذين لا رجحان في أعمالهم للحسنة على السيئة وبالعكس على اختلاف منهم في تشخيص المصداق.
والثالث : أنهم من الملائكة ، وقد مال الجمهور إلى الثاني من الأقوال ، وعمدة ما استندوا إليه في ذلك أخبار مأثورة سنوردها في البحث الروائي الآتي إن شاء الله.
وقد عرفت أن الذي يعطيه سياق الآيات هو الأول من الأقوال حتى أن بعضهم مع تمايله إلى القول الثاني لم يجد بدا من بعض الاعتراف بعدم ملاءمة سياق الآيات ذلك كالآلوسي في روح المعاني.
قوله تعالى : « ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون » المنادون هم الرجال الذين على الأعراف ـ على ما يعطيه السياق ـ وقوله : « أن سلام عليكم » يفسر ما نادوا به ، وقوله : « لم يدخلوها وهم يطمعون » جملتان حاليتان فجملة « لم يدخلوها » من أصحاب الجنة ، وجملة « وهم يطمعون »حال آخر من أصحاب الجنة والمعنى : أن أصحاب الجنة نودوا وهم في حال لم يدخلوا الجنة بعد وهم يطمعون في أن يدخلوها ، أو حال من ضمير الجمع في « لم يدخلوها » وهو العامل فيه ، والمعنى أن أصحاب الجنة نودوا بذلك وهم في الجنة لكنهم لم يدخلوا الجنة على طمع في دخولها لان ما شاهدوه من أهوال الموقف ودقة الحساب كان أيأسهم من أن يفوزوا بدخول الجنة لكن قوله بعد : « أهؤلاء الذين » إلى آخر الآية يؤيد أول الاحتمالين وأنهم إنما سلموا عليهم قبل دخولهم الجنة.
وأما احتمال أن تكون الجملتان حالين من ضمير الجمع في نادوا فيوجب سقوط الجملة عن الافادة كما هو ظاهر ، وذلك لرجوع المعنى إلى أن هؤلاء الرجال الذين هم