الله لأن الحاجة إلى بارد الماء أسبق إلى الذهن طبعا بالنسبة إلى غيره عند ما تحيط الحرارة بالإنسان ، ومعنى الآية ظاهر.
قوله تعالى : « الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً » إلى آخر الآية. اللهو ما يشغلك عما يهمك ، واللعب الفعل المأتي به لغاية خيالية غير حقيقية ، والغرور إظهار النصح واستبطان الغش ، والنسيان يقابل الذكر ، وربما يستعار لترك الشيء وعدم الاعتناء بشأنه كالشيء المنسي ، وعلى ذلك يجري في الآية ، والجحد النفي والإنكار ، والآية مسوقة لتفسير الكافرين ، ويستفاد منها تفسيرات ثلاثة للكفر : أولها : أنه اتخاذ الإنسان دينه لهوا ولعبا وغرور الحياة الدنيا له ، والثاني : نسيان يوم اللقاء ، والثالث : الجحد بآيات الله ، ولكل من التفاسير وجه.
وفي قوله تعالى : « الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً » دلالة على أن الإنسان لا غنى له عن الدين على أي حال حتى من اشتغل باللهو واللعب ومحض حياته فيها محضا فإن الدين ـ كما تقدمت الإشارة إليه في تفسير قوله : « الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً » الآية ـ هو طريق الحياة الذي يسلكه الإنسان في الدنيا ، ولا محيص له عن سلوكه ، وقد نظمه الله سبحانه بحسب ما تهدي إليه الفطرة الإنسانية ودعت إليه ، وهو دين الإنسان الذي يخصه وينسب إليه ، وهو الذي يهم الإنسان ويسوقه إلى غاية حقيقية هي سعادة حياته.
فحيث جرى عليه الإنسان وسلكه كان على دينه الذي هو دين الله الفطري ، وحيث اشتغل عنه إلى غيره الذي يلهو عنه ولا يهديه إلا إلى غايات خيالية وهي اللذائذ المادية التي لا بقاء لها ولا نفع فيها يعود إلى سعادته فقد اتخذ دينه لهوا ولعبا وغرته الحياة الدنيا بسراب زخارفها.
وقوله تعالى : « فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا » أي اليوم نتركهم ولا نقوم بلوازم حياتهم السعيدة كما تركوا يومهم هذا فلم يقوموا بما يجب أن يعملوا له وبما كانوا بآياتنا يجحدون ونظير الآية في جعل تكذيب الآيات سببا لنسيان الله له يوم القيامة قوله : « قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى » : طه : ١٢٦ ، وقد بدل هناك الجحد نسيانا.