وفي الإحتجاج ، في حديث هشام بن الحكم عن الصادق عليهالسلام : أنه سأله الزنديق فقال أو ليس يوزن الأعمال؟ قال : لا أن الأعمال ليست بأجسام ـ وإنما هي صفة ما عملوا ، وإنما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الأشياء ، ولا يعرف ثقلها وخفتها ، وإن الله لا يخفى عليه شيء ، قال : فما معنى الميزان؟ قال : العدل. قال : فما معناه في كتابه « فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ »؟ قال : فمن رجح عمله ، الخبر.
أقول : وفي الرواية تأييد ما قدمناه في تفسير الوزن ، ومن ألطف ما فيها قوله عليهالسلام « وإنما هي صفة ما عملوا » يشير عليهالسلام إلى أن ليس المراد بالأعمال في هذه الأبواب هو الحركات الطبيعية الصادرة عن الإنسان لاشتراكها بين الطاعة والمعصية بل الصفات الطارئة عليها التي تعتبر لها بالنظر إلى السنن والقوانين الاجتماعية أو الدينية مثل الحركات الخاصة التي تسمى وقاعا بالنظر إلى طبيعة نفسها ثم تسمى نكاحا إذا وافقت السنة الاجتماعية أو الإذن الشرعي ، وتسمى زنا إذا لم توافق ذلك ، وطبيعة الحركات الصادرة واحدة ، وقد استدل عليهالسلام لما ذكره من طريقين : أحدهما : أن الأعمال صفات لا وزن لها والثاني : أن الله سبحانه لا يحتاج إلى توزين الأشياء لعدم اتصافه بالجهل تعالى شأنه.
قال بعضهم : إنه بناء على ما هو الحق من تجسم الأعمال في الآخرة ، وإمكان تأثير حسن العمل ثقلا فيه ، وكون الحكمة في الوزن تهويل العاصي وتفضيحه وتبشير المطيع وازدياد فرحه وإظهار غاية العدل ، وفي الرواية وجوه من الإشكال فلا بد من تأويلها إن أمكن وإلا فطرحها أو حملها على التقية ، انتهى.
أقول : قد تقدم البحث عن معنى تجسم الأعمال وليس من الممتنع أن يتمثل الأعمال عند الحساب ، والعدل الإلهي القاضي فيها في صورة ميزان توزن به أمتعة الأعمال وسلعها لكن الرواية لا تنفي ذلك وإنما تنفي كون الأعمال أجساما دنيوية محكومة بالجاذبية الأرضية التي تظهر فيها في صورة الثقل والخفة ، أولا.
والإشكال مبني على كون كيفية الوزن بوضع الحسنات في كفة من الميزان.
والسيئات في كفة أخرى ثم الوزن والقياس ، وقد عرفت : أن الآية بمعزل عن الدلالة على ذلك أصلا ، ثانيا.
وفي التوحيد ، بإسناده عن أبي معمر السعداني عن أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث