فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٧٨) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (٧٩) »
بيان
قوله تعالى : « وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً » إلى آخر الآية. ثمود أمة قديمة من العرب سكنوا أرض اليمن بالأحقاف بعث الله إليهم « أَخاهُمْ صالِحاً » وهو منهم فـ « قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ » دعاهم إلى التوحيد وقد كانوا مشركين يعبدون الأصنام على النحو الذي دعا نوح وهود عليهالسلام قومهما المشركين.
وقوله : « قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ » أي شاهد قاطع في شهادته ويبينه قوله بالإشارة إلى نفس البينة : « هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً » وهي الناقة التي أخرجها الله لهم من الجبل آية لنبوته بدعائه عليهالسلام ، وهي العناية في إضافة الناقة إلى الله سبحانه.
وقوله : « فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ » الآية. تفريع على كون الناقة آية لله ، وحكم لا يخلو عن تشديد عليهم يستتبع كلمة العذاب التي تفصل بين كل رسول وأمته قال تعالى : « وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ » : يونس : ٤٧ ، وفي الآية تلويح إلى أن تخليتهم الناقة وشأنها في الأكل والسير في الأرض كانت مما يشق عليهم فكانوا يتحرجون من ذلك ، وفي قوله : « فِي أَرْضِ اللهِ » إيماء إليه فوصاهم وحذرهم أن يمنعوها من إطلاقها ويمسوها بسوء كالعقر والنحر فإن وبال ذلك عذاب أليم يأخذهم.
قوله تعالى : « وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ » إلى آخر الآية. دعاهم إلى أن يذكروا نعم الله عليهم كما دعا هود عادا إلى ذلك ، وذكرهم أن الله جعلهم خلفاء يخلفون أمما من قبلهم كعاد ، وبوأهم من الأرض أي مكنهم في منازلهم منها ، يتخذون