قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣) قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٢٤) قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ (٢٥) »
بيان
تصف الآيات بدء خلقة الإنسان وتصويره ، وما جرى هناك من أمر الملائكة بالسجدة له ، وسجودهم وإباء إبليس ، وغروره آدم وزوجته ، وخروجهما من الجنة. وما قضى الله في ذلك من القضاء.
قوله تعالى : « وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ » التمكين في الأرض هو الإسكان والإيطان فيها أي جعلنا مكانكم الأرض ، ويمكن أن يكون من التمكين بمعنى الإقدار والتسليط ، ويؤيد المعنى الثاني أن هذه الآيات تحاذي بنحو ما في سورة البقرة من قصة آدم وإبليس وقد بدئت الآيات فيها بقوله : « هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً » : البقرة : ٢٩ ، وهو التسليط والتسخير.
غير أن هذه الآيات التي نحن فيها لما كانت تنتهي إلى قوله : « وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ » كان المعنى الأول هو الأنسب وقوله : « وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ » ( إلخ ) كالإجمال لما تفصله الآيات التالية إلى آخر قصة الجنة.
والمعايش جمع معيشة وهي ما يعاش به من مطعم أو مشرب أو نحوها ، والآية في مقام الامتنان عليهم بما أنعم الله عليهم من نعمة سكنى الأرض أو التسلط والاستيلاء عليها ، وجعل لهم فيها من أنواع ما يعيشون به ، ولذلك ختم الكلام بقوله : « قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ ».
قوله تعالى : « وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ » صورة