لنفسي وما رأيته للناس ـ ثم جذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظا خشنا ـ وداخل ذلك الثوب لين فقال : لبست هذا الأعلى للناس ، ولبست هذا لنفسك تسترها.
وفيه ، بإسناده عن ابن القداح قال : كان أبو عبد الله عليهالسلام متكئا ـ علي فلقيه عباد بن كثير وعليه ثياب مروية حسان ـ فقال : يا أبا عبد الله إنك من أهل بيت النبوة ـ وكان أبوك فما لهذه الثياب المروية عليك؟ فلو لبست دون هذه الثياب. فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : ويلك يا عباد ـ من حرم زينة الله التي أخرج لعباده ـ والطيبات من الرزق؟ إن الله عز وجل إذا أنعم على عبده نعمة ـ أحب أن يراها عليه ، وليس به بأس.
وفي الدر المنثور ، أخرج الترمذي وحسنه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.
وفي قرب الإسناد ، للحميري عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليهالسلام في حديث طويل : قال عليهالسلام لي : ما تقول في اللباس الخشن؟ فقلت : بلغني أن الحسن كان يلبس ، وأن جعفر بن محمد كان يأخذ الثوب الجديد ـ فيأمر به فيغمس في الماء فقال لي البس وجمل ـ فإن علي بن الحسين ـ كان يلبس الجبة الخز بخمس مائة درهم ، والمطرف الخز بخمسين دينارا ـ فيشتو فيه فإذا خرج الشتاء باعه وتصدق بثمنه ، وتلا هذه الآية : « قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ ـ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ ».
أقول : والروايات في هذه المعاني كثيرة جدا ، ومن أجمعها معنى الرواية الآتية في تفسير العياشي ، عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : أترى الله أعطى من أعطى من كرامته عليه ـ أو منع من منع من هوان به عليه؟ لا ولكن المال مال الله يضعه عند الرجل ودائع ، وجوز لهم أن يأكلوا قصدا ، ويشربوا قصدا ، ويلبسوا قصدا ، وينكحوا قصدا ، ويركبوا قصدا ، ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين ـ ويلموا به شعثهم ـ فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالا ويشرب حلالا ـ ويركب حلالا ، وينكح حلالا ، ومن عدا ذلك كان عليه حراما ، ثم قال : « وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ »
أترى الله ائتمن رجلا على مال خول له ـ أن يشتري فرسا بعشرة آلاف درهم ـ ويجزيه فرسا بعشرين درهما ، ويشتري جارية بألف دينار ـ ويجزيه جارية بعشرين دينارا ـ وقال : « وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ».