ومنها : ما يدل تفصيلا أن الله سبحانه خلق الناس مختلفين فمنهم من خلقه من طين الجنة وإليه مرجعه ، ومنهم من خلقه من طينة النار وإليها مآله ففي البصائر ، عن علي بن الحسين عليهالسلام أنه قال : أخذ الله ميثاق شيعتنا معنا على ولايتنا ـ لا يزيدون ولا ينقصون ـ إن الله خلقنا من طينة عليين ـ وخلق شيعتنا من طينة أسفل من ذلك ، وخلق عدونا من طينة سجين ـ وخلق أولياءهم من طينة أسفل من ذلك.
أقول : وفي هذا المعنى روايات كثيرة جدا.
وفي المحاسن ، عن عبد الله بن كيسان قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك ـ أنا مولاك عبد الله بن كيسان ـ فقال : أما النسب فأعرفه ، وأما أنت فلست أعرفك ، قال : قلت : ولدت بالجبل ونشأت بأرض فارس ، وأنا أخالط الناس في التجارات وغير ذلك ـ فأرى الرجل حسن السمت وحسن الخلق والأمانة ـ ثم أفتشه فأفتشه عن عداوتكم ، وأخالط الرجل وأرى فيه سوء الخلق ـ وقلة أمانة وزعارة ـ ثم أفتشه فأفتشه عن ولايتكم ـ فكيف يكون ذلك.
فقال : أما علمت يا ابن كيسان أن الله تبارك وتعالى أخذ طينة من الجنة وطينة من النار فخلطهما جميعا ثم نزع هذه من هذه فما رأيت من أولئك من الأمانة وحسن السمت وحسن الخلق فمما مستهم من طينة الجنة ، وهم يعودون إلى ما خلقوا منه ، وما رأيت من هؤلاء من قلة الأمانة وسوء الخلق والزعارة ، فمما مستهم من طينة النار ،وهم يعودون إلى ما خلقوا منه.
أقول : والروايات في هذا المعنى أيضا كثيرة جدا.
وفي العلل عن حبة العرني عن علي عليه السلام قال : إن الله خلق آدم من أديم الأرض فمنه السباخ ، ومنه الملح ، ومنه الطيب فكذلك في ذريته الصالح والطالح.
أقول : وحديث الخلق من طينة عليين وسجين إشارة إلى قوله تعالى : كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين ـ إلى أن قال ـ كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون المطففين : ٢١ ، أما الآيات فسيأتي بيانها إن شاء الله تعالى في محلها ، وأما الروايات فالرواية الأخيرة لا تخلو عن جهة بيان بمدلولها لمدلول ما تقدم عليها.