يعني : نقرأ عليه. فقال : إن القرآن عربي ؛ فاستقروه رجلاً عربياً.
فكان يقرينا زيد ، ويأخذ عليه سلمان ، فاذا أخطأ ردّ عليه (١).
إن هذه الرواية ، لا تضر ، فان فصاحة سلمان ، لا يلزم منها أن تكون لهجته سليمة في الغاية ، فلعل شيئاً من اللهجة الفارسية ، كان لا يزال فيها. ولم يكن يحب أن يتأثروا حتى ولو بهذا المقدار ، كما أن استقراءهم إياه يدل دلالة واضحة ، على أنّهم يرونه أهلاً لذلك ، ولا يرون فيه عجمة الى حد تمنع من ذلك. ونعتقد : أن السبب في هذه التهمة هو عمر بن الخطاب ، فانه هو الذي قال عن سلمان « الطمطماني » (٢) وذلك في محاولة لانتقاص شخصية سلمان ، واستجابة لرغبة أكيدة في الحطّ من قدره رحمهالله.
ولعله قد كان ثمة لكنة لدى سلمان ، ولكنّها لا تصل الى حد الطمطمأنية والعجمة ، لما ذكرناه آنفاً.
وأخيراً .. فإننا لا نستغرب كثيراً حين نجد المستشرقين ، يطعنون في ديننا ، ويهاجمون مقدساتنا ، ويشككون في أبده بديهيات الاسلام والقرآن وأجلاها ، وأشدها وضوحاً لدى العقل ، وأقواها رسوخاً في الفطرة.
فقد عرفنا : أنهم العدو الحاقد والطامع ، والمستعمر الذي يعمل بكل ما اوتي من قوة وحول من أجل تدميرنا ، والاستئثار بمقدراتنا ، والعبث بمقدساتنا ، والسخرية بمثلنا وقيمنا.
وقد يستخدم ـ هذا العدو المستعمر ـ من أجل تحقيق اهدافه الشريرة : الحديد ، والنار تارة .. وقد يلجأ إلى اسلوب التضليل ، والتشكيك ، والمكر والحيلة ، تارة اخرى ..
فلا عجب إذن .. رأيناهم يعتبرون سلمان الفارسي شخصية قلقة ، أو
__________________
(١) تهذيب تاريخ دمشق ج ٦ ص ١٥ وعن المصنف لابن أبي شيبة ج ١٠ ص ٤٦٠ وج ١٢ ص ١٩٢.
(٢) ستأتي المصادر لذلك إن شاء الله.