فلعله يمكن أن يستفاد من جواب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا : أن هؤلاء لأنهم كانوا يتكلمون بالعربية ، فهم عرب إذن ، فلا يصح لقيس بن مطاطية أن يفتخر عليهم بعروبته ، فالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يريد أن يفند دعوى افضلية العرب عليهم ، عن طريق ادخالهم في جملة العرب ، لانهم يحسنون التكلم بلغتهم.
وهذا .. ما لعله قد اشير إليه بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : فمن تكلم بالعربية فهو عربي. مستفيداً من فاء التفريع ، التي يمكن دعوى ظهورها في ذلك.
٣ ـ وكيف يمكن أن نتصور إنساناً ـ كسلمان ـ في فهمه وعلمه ، ودقة ملاحظته ، يعيش في المجتمع العربي عشرات السنين ، فلا يتعلم لغته ، حتى كان لا يفهم كلامه من شدة البلادة؟!!
٤ ـ وتقدم : أيضاً : أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حين حفر الخندق قد دعا الله سبحانه : أن يطلق لسان سلمان ، ولو ببيت من الشعر ، فأطلق الله لسانه بثلاثة أبيات.
٥ ـ وفي حديث اسلامه رضوان الله عليه ، نجد نصاً يقول في ضمن حديث : إن جبرئيل تفل في فيه ، فجعل سلمان يتكلم بالعربية الفصيح (١).
٦ ـ وبعد .. فان لسلمان ـ كما قال ابن قتيبة ـ رسائل ، وخطباً ، وكلمات نقلها المؤرخون ، والمحدثون عنه تعتبر في غاية الفصاحة والبلاغة (٢). وهي وحدها كافية في ردّ مدعى أبي عثمان وغيره.
هذا .. وأما ما نجده في رواية اخرى ، رواها المحاملي ، عن أبي سليمان ، قال : لما ورد علينا سلمان الفارسي المدائن ، أتيناه نستقريه ،
__________________
(١) الدرجات الرفيعة ص ٢٠٥ عن شواهد النبوة ، ونفس الرحمان ص ١٥.
(٢) راجع : نفس الرحمان ، والاحتجاج ج ١ والبحار ، وتهذيب تاريخ دمشق ، وقاموس الرجال وغير ذلك من المصادر.