فقد روي مسلم بن إبراهيم ، قال : أخبرنا سلام بن مسكين ، قال : أخبرنا مالك بن دينار ، أخبرني من سمع عبدا بن سلام يقول يوم قتل عثمان :
« اليوم هلكت العرب » (١).
فهو يريد أن يثير حفيظة العرب ، بالتلويح بخسرانهم الامتيازات الظالمة ، التي منحهم إياها الحكم ، مع تحذير مبطن من أن الامور تتجه نحو تحكيم اولئك الذين لا يرون فضلاً لاُحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح ، فما على العرب إذن إلا أن يتحركوا ، وأن يدفعوا الاخطار المحتملة عن أنفسهم!!
وهكذا .. فان صانعي سياسة التمييز بين الناس ، يحاولون الآن استثمار جهودهم ، ونفث سمومهم ، وتسديد ضربتهم للمسلمين وللاسلام في الصميم ، فيثيرون عصبية العرب ضد غيرهم ، ويصوّرون لهم : أنهم في خطر أكيد ، وأمام عدو عنيد ، قد أصبحت الحرب معه حرباً مصيرية ، وأصبحت العداوة قائمة على الثأر الدم ، فهي إذن ثابتة وراسخة ، لن يستطيع أحد إطفاء نارها ، ولا التحرز من آثارها ..
وإلا .. فلماذا يهلك العرب إذا قتل عثمان ، ولا يهلك غيرهم من الناس؟!
وما هذه الغيرة الشديدة من سليل بني إسرائيل على العرب ، وعلى مصيرهم؟!
__________________
(١) طبقات ابن سعد ج ٣ ص ٨١ ط صادر.