بيان
الآيات كالمكملة للآيات السابقة تثبت لله سبحانه من استجابة الدعوة وكشف الضر ما نفاه القبيل السابق عن أصنامهم وأوثانهم فإن الآيات السابقة تبتدأ بقوله تعالى : « قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً » وهذه الآيات تفتتح بقوله : « رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ » إلخ.
وإنما قلنا : هي كالمكملة لبيان الآيات السابقة مع أن ما تحتويه كل من القبلين حجة تامة في مدلولها تبطل إحداهما ألوهية آلهتهم وتثبت الأخرى ألوهية الله سبحانه لافتتاح القبيل الأول بقوله : « قُلِ » دون الثاني وظاهره كون مجموع القبيلين واحدا من الاحتجاج أمر النبي صلىاللهعليهوآله بإلقائه إلى المشركين لإلزامهم بالتوحيد.
ويؤيده السياق السابق المبدو بقوله : « قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً » وقد لحقه قوله ثانيا : « وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً ـ إلى أن قال قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً ».
وقد ختم الآيات بقوله : « يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ » إلخ فأشار به إلى أن هذا الذي يذكر من الهدى والضلالة في الدنيا يلازم الإنسان في الآخرة فالنشأة الأخرى على طبق النشأة الأولى فمن أبصر في الدنيا أبصر في الآخرة ، ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا.
قوله تعالى : « رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً » الإزجاء على ما في مجمع البيان ، سوق الشيء حالا بعد حال فالمراد به إجراء السفن في البحر بإرسال الرياح ونحوه وجعل الماء رطبا مائعا يقبل الجري والخرق ، والفلك جمع الفلكة وهي السفينة.
وابتغاء الفضل طلب الرزق فإن الجواد إنما يجود غالبا بما زاد على مقدار حاجة نفسه وفضل الشيء ما زاد وبقي منه ومن ابتدائية ، وربما قيل : إنها للتبعيض ، وذيل