المخزون بهذه الأسماء الثلاثة ، وذلك قوله عز وجل : « قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ ـ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ».
أقول : والحديث مروي في الكافي ، أيضا عنه (ع).
وقد تقدم في بحث الأسماء الحسنى في الجزء الثامن من الكتاب أن هذه الألفاظ المسماة بأسماء الله إنما هي أسماء الأسماء وأن ما تدل عليه وتشير إليه من المصداق أعني الذات مأخوذة بوصف ما هو الاسم بحسب الحقيقة ، وعلى هذا فبعض الأسماء الحسنى عين الذات وهو المشتمل على صفة ثبوتية كمالية كالحي والعليم والقدير ، وبعضها زائد على الذات خارج منها وهو المشتمل على صفة سلبية أو فعلية كالخالق والرازق لا تأخذه سنة ولا نوم ، هذا في الأسماء وأما أسماء الأسماء وهي الألفاظ الدالة على الذات المأخوذة مع وصف من أوصافها فلا ريب في كونها غير الذات ، وأنها ألفاظ حادثة قائمة بمن يتلفظ بها.
إلا أن هاهنا خلافا من جهتين :
إحداهما : أن بعض الجهلة من متكلمي السلف خلطوا بين الأسماء وأسماء الأسماء فحسبوا أن المراد من عينية الأسماء مع الذات عينية أسماء الأسماء معها فذهبوا إلى أن الاسم هو المسمى ويكون على هذا عبادة الاسم ودعوته هو عين عبادة المسمى ، وقد كان هذا القول سائغا في أوائل عصر العباسيين ، والروايتان السابقتان أعني روايتي التوحيد في الرد عليه.
والثانية : ما عليه الوثنية وهو أن الله سبحانه لا يتعلق به التوجه العبادي وإنما يتعلق بالأسماء فالأسماء أو مظاهرها من الملائكة والجن والكمل من الإنس هم المدعوون وهم الآلهة المعبودون دون الله ، وقد عرفت في البيان المتقدم أن قوله تعالى : « قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ » إلخ رد عليه.
والرواية الأخيرة أيضا تكشف عن وجه انتشاء الأسماء عن الذات المتعالية التي هي أرفع من أن يحيط به علم أو يقيده وصف ونعت أو يحده اسم أو رسم ، وهي بما في صدره وذيله من البيان صريح في أن المراد بالأسماء فيها هي الأسماء دون أسماء الأسماء