ومعنى الآية ظاهر وقد دل فيها على كونهم نائمين في الكهف طول المدة لا ميتين.
قوله تعالى : « ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً » المراد بالبعث هو الإيقاظ دون الإحياء بقرينة الآية السابقة ، وقال الراغب : الحزب جماعة فيها غلظ انتهى.
وقال : الأمد والأبد يتقاربان لكن الأبد عبارة عن مدة الزمان التي ليس لها حد محدود ولا يتقيد لا يقال : أبد كذا ، والأمد مدة لها حد مجهول إذا أطلق ، وقد ينحصر نحو أن يقال : أمد كذا كما يقال : زمان كذا. والفرق بين الأمد والزمان أن الأمد يقال باعتبار الغاية والزمان عام في المبدإ والغاية ، ولذلك قال بعضهم : المدى والأمد يتقاربان. انتهى.
والمراد بالعلم العلم الفعلي وهو ظهور الشيء وحضوره بوجوده الخاص عند الله ، وقد كثر ورود العلم بهذا المعنى في القرآن كقوله : « لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ » الحديد : ٢٥ ، وقوله : « لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ » الجن : ٢٨ وإليه يرجع قول بعضهم في تفسيره : أن المعنى ليظهر معلومنا على ما علمناه.
وقوله : « لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى » إلخ تعليل للبعث واللام للغاية والمراد بالحزبين الطائفتان من أصحاب الكهف حين سأل بعضهم بعضا بعد البعث : قائلا كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم على ما يفيده قوله تعالى في الآيات التالية : « وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ » إلخ.
وأما قول القائل : إن المراد بالحزبين الطائفتان من قومهم المؤمنون والكافرون كأنهم اختلفوا في أمد لبثهم في الكهف بين مصيب في إحصائه ومخطئ فبعثهم الله تعالى ليبين ذلك ويظهر ، والمعنى أيقظناهم ليظهر أي الطائفتين المختلفتين من المؤمنين والكافرين في أمد لبثهم مصيبة في قولها ، فبعيد.
وقوله : « أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً » فعل ماض من الإحصاء ، و « أمدا » مفعوله والظاهر أن « لِما لَبِثُوا » قيد لقوله « أَمَداً » وما مصدرية أي أي الحزبين عد أمد لبثهم وقيل : أحصى اسم تفضيل من الإحصاء بحذف الزوائد كقولهم : هو أحصى للمال وأفلس من ابن المذلق (١) ، وأمدا منصوب بفعل يدل عليه « أَحْصى » ولا يخلو من
__________________
(١) مثل.