وقد تكاثرت الروايات في بيان القصة من طرق الفريقين لكنها متهافتة مختلفة لا يكاد يوجد منها خبران متوافقا المضمون من جميع الجهات.
فمن الاختلاف ما في بعض الروايات كالرواية المتقدمة أن سؤالهم كان عن أربعة نبإ أصحاب الكهف ونبإ موسى والعالم ونبإ ذي القرنين وعن الساعة متى تقوم؟
وفي بعضها أن السؤال كان عن خبر أصحاب الكهف وذي القرنين وعن الروح وقد ذكروا أن آية صدق النبي صلىاللهعليهوآله أن لا يجيب آخر الأسؤلة فأجاب عن نبإ أصحاب الكهف ونبإ ذي القرنين ، ونزل « قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي » الآية فلم يجب عنها ، وقد عرفت في بيان آية الروح أن الكلام مسوق سوق الجواب وليس بتجاف.
ومن ذلك ما في أكثر الروايات أنهم جماعة واحدة سمعوا أصحاب الكهف والرقيم ، وفي بعضها أن أصحاب الرقيم غير أصحاب الكهف ، وأن الله سبحانه أشار في كلامه إليهما معا لكنه قص قصة أصحاب الكهف وأعرض عن قصة أصحاب الرقيم ، وذكروا لهم قصة وهي أن قوما وهم ثلاثة خرجوا يرتادون لأهلهم فأخذتهم السماء فأووا إلى كهف وانحطت صخرة من أعلى الجبل وسدت بابه.
فقال بعضهم لبعض : ليذكر كل منا شيئا من عمله الصالح وليدع الله به لعله يفرج عنا فذكر واحد منهم منه عمله لوجه الله ودعا الله به فتنحت الصخرة قدر ما دخل عليهم الضوء ثم الثاني فتنحت حتى تعارفوا ثم الثالث ففرج الله عنهم فخرجوا رواه (١) النعمان بن بشير مرفوعا عن النبي صلىاللهعليهوآله.
والمستأنس بأسلوب الذكر الحكيم يأبى أن يظن به أن يشير في دعوته إلى قصتين ثم يفصل القول في إحداهما وينسى الأخرى من أصلها.
ومن ذلك ما تذكره الروايات أن الملك الذي هرب منه الفتية هو دقيانوس ( ديوكليس ٢٨٥ م ـ ٣٠٥ م ) ملك الروم وفي بعضها كان يدعي الألوهية ، وفي بعض أنه كان دقيوس ( دسيوس ٢٤٩ ـ ٢٥٤ م ) ملك الروم وبينهما عشرات من السنين وكان الملك يدعو إلى عبادة الأصنام ويقتل أهل التوحيد ، وفي بعض الروايات
__________________
(١) الدر المنثور