العزيز من المشخصات.
أما أولا : فقد قال تعالى : « وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ » وهو صريح في أن الشمس يقع شعاعها عند الطلوع على جهة اليمين من الكهف وعند الغروب على الجانب الشمالي منه ، ويلزمه أن يواجه باب الكهف جهة الجنوب ، وباب الكهف الذي في أفسوس متجه نحو الشمال الشرقي.
وهذا الأمر أعني كون باب كهف أفسوس متجها نحو الشمال وما ورد من مشخص إصابة الشمس منه طلوعا وغروبا هو الذي دعا المفسرين إلى أن يعتبروا يمين الكهف ويساره بالنسبة إلى الداخل فيه لا الخارج منه مع أنه المعروف المعمول ـ كما تقدم في تفسير الآية ـ قال البيضاوي في تفسيره ، : إن باب الكهف في مقابلة بنات النعش ، وأقرب المشارق والمغارب إلى محاذاته مشرق رأس السرطان ومغربه والشمس إذا كان مدارها مداره تطلع مائلة عنه مقابلة لجانبه الأيمن وهو الذي يلي المغرب ، وتغرب محاذية لجانبه الأيسر فيقع شعاعها على جانبه ويحلل عفونته ويعدل هواءه ولا يقع عليهم فيؤذي أجسادهم ويبلي ثيابهم. انتهى ونحو منه ما ذكره غيره.
على أن مقابلة الباب للشمال الشرقي لا للقطب الشمالي وبنات النعش كما ذكروه تستلزم عدم انطباق الوصف حتى على الاعتبار الذي اعتبروه فإن شعاع الشمس حينئذ يقع على الجانب الغربي الذي يلي الباب عند طلوعها وأما عند الغروب فالباب وما حوله مغمور تحت الظل وقد زال الشعاع بعيد زوال الشمس وانبسط الظل.
اللهم إلا أن يدعى أن المراد بقوله : « وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ » عدم وقوع الشعاع أو وقوعه خلفهم لا على يسارهم هذا.
وأما ثانيا : فلأن قوله تعالى : « وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ » أي في مرتفع منه ولا فجوة في كهف أفسوس ـ على ما يقال ـ وهذا مبني على كون الفجوة بمعنى المرتفع وهو غير مسلم وقد تقدم أنها بمعنى الساحة.
وأما ثالثا : فلأن قوله تعالى : « قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً » ظاهر في أنهم بنوا على الكهف مسجدا ، ولا أثر عند كهف أفسوس من مسجد أو