وقوله : « فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً » الخرج ما يخرج من المال ليصرف في شيء من الحوائج عرضوا عليه أن يعطوه مالا على أن يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سدا يمنع من تجاوزهم وتعديهم عليهم.
قوله تعالى : « قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً » أصل « مَكَّنِّي » مكنني ثم أدغمت إحدى النونين في الأخرى ، والردم السد وقيل السد القوي ، وعلى هذا فالتعبير بالردم في الجواب وقد سألوه سدا إجابة ووعد بما هو فوق ما استدعوه وأملوه.
وقوله : « قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ » استغناء من ذي القرنين عن خرجهم الذي عرضوه عليه على أن يجعل لهم سدا يقول : ما مكنني فيه وأقرني عليه ربي من السعة والقدرة خير من المال الذي تعدونني به فلا حاجة لي إليه.
وقوله : « فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ » إلخ القوة ما يتقوى به على الشيء والجملة تفريع على ما يتحصل من عرضهم وهو طلبهم منه أن يجعل لهم سدا ، ومحصل المعنى أما الخرج فلا حاجة لي إليه ، وأما السد فإن أردتموه فأعينوني بما أتقوى به على بنائه كالرجال وما يستعمل في بنائه ـ وقد ذكر منها زبر الحديد والقطر والنفخ بالمنافخ ـ أجعل لكم سدا قويا.
وبهذا المعنى يظهر أن مرادهم بما عرضوا عليه من الخرج الأجر على عمل السد.
قوله تعالى : « آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ » إلى آخر الآية ، الزبر بالضم فالفتح جمع زبرة كغرف وغرفة وهي القطعة ، و ( ساوى ) بمعنى سوى على ما قيل وقرئ « سوى » و ( الصَّدَفَيْنِ ) تثنية الصدف وهو أحد جانبي الجبل ذكر بعضهم أنه لا يقال إلا إذا كان هناك جبل آخر يوازيه بجانبه فهو من الأسماء المتضائفة كالزوج والضعف وغيرهما والقطر النحاس أو الصفر المذاب وإفراغه صبه على الثقب والخلل والفرج.
وقوله : « آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ » أي أعطوني إياها لأستعملها في السد وهي من القوة التي استعانهم فيها ، ولعله خصها بالذكر ولم يذكر الحجارة وغيرها من لوازم البناء لأنها الركن في استحكام بناء السد فجملة « آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ » بدل البعض من الكل من جملة