وإذا ساقتهم سذاجة الفهم في فرضية سهلة التصور عند أهله في تلك الأعصار هذا المساق فما ظنك بهم لو ألقي إليهم ما لا يصدقه ظاهر حسهم ولا يسعه ظرف فكرهم.
وفي الدر المنثور ، أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عثمان بن أبي حاضر : أن ابن عباس ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان ـ قرأ الآية التي في سورة الكهف « تغرب في عين حامية » قال ابن عباس : فقلت لمعاوية : ما نقرؤها إلا حمئة ـ فسأل معاوية عبد الله بن عمر وكيف تقرؤه؟ فقال عبد الله : كما قرأتها.
قال ابن عباس : فقلت لمعاوية : في بيتي نزل القرآن ـ فأرسل إلى كعب فقال له : أين تجد الشمس تغرب في التوراة؟ فقال له كعب : سل أهل العربية فإنهم أعلم بها ، وأما أنا فإني أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين ، وأشار بيده إلى المغرب. قال ابن أبي حاضر : لو أني عندكما أيدتك بكلام تزداد به بصيرة في حمئة. قال ابن عباس : وما هو؟ قلت : فيما نأثر قول تبع ـ فيما ذكر به ذا القرنين في كلفه بالعلم واتباعه إياه :
قد كان ذو القرنين عمر مسلما |
|
ملكا تدين له الملوك وتحشد |
فأتى المشارق والمغارب يبتغي |
|
أسباب ملك من حكيم مرشد |
فرأى مغيب الشمس عند غروبها |
|
في عين ذي خلب وثأط حرمد |
فقال ابن عباس : ما الخلب؟ قلت : الطين بكلامهم. قال : فما الثأط؟ قلت : الحمأة. قال : فما الحرمد؟ قلت : الأسود ـ فدعا ابن عباس غلاما فقال له : اكتب ما يقول هذا الرجل.
أقول : والحديث لا يلائم ما ذهبوا إليه من تواتر القراءات تلك الملائمة وعن التيجان لابن هشام الحديث وفيه أن ابن عباس أنشد هذه الأشعار لمعاوية وأن معاوية سأله عن معنى الخلب والثأط والحرمد قال : الخلب الحمأة والثأط ما تحتها من الطين والحرمد ما تحته من الحصى والحجر ، وقد أورد القصيدة ، وهذا الاختلاف يؤذن بشيء في الرواية.
في تفسير العياشي ، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام : في قول الله عز وجل : « لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً » قال : لم يعلموا صنعة البيوت.