إطلاقا لا يتحمل تقييدا.
وقد ثبت أيضا أن وجود ما سواه أثر مجعول له وأن الفعل ضروري المسانخة لفاعله فالأثر الصادر منه واحد بوحدة حقه ظلية مطلق غير محدود وإلا تركبت ذاته من حد ومحدود وتألفت من وجود وعدم وسرت هذه المناقضة الذاتية إلى ذات فاعله لمكان المسانخة بين الفاعل وفعله ، وقد فرض أنه واحد مطلق فالوجود الذي هو فعله ، وأثره المجعول واحد غير كثير ومطلق غير محدود وهو المطلوب.
فما يتراءى في الممكنات من جهات الاختلاف التي تقضي بالتحديد من النقص والكمال والوجدان والفقدان عائدة إلى أنفسها دون جاعلها.
وهي إن كانت في أصل وجودها النوعي أو لوازمها النوعية فمنشؤها ماهياتها القابلة للوجود بإمكانها الذاتي كالإنسان والفرس المختلفين في نوعيهما ولوازم نوعيهما وإن كانت في كمالاتها الثانية المختلفة باختلاف أفراد النوع من فاقد للكمال محروم منه وواجد له والواجد للكمال التام أو الناقص فمنشؤها اختلاف الاستعدادات المادية باختلاف العلل المعدة المهيأة للاستفاضة من العلة المفيضة.
فالذي تفيضه العلة المفيضة من الأثر واحد مطلق ، لكن القوابل المختلفة تكثره باختلاف قابليتها فمن راد له متلبس بخلافه ومن قابل يقبله تاما ومن قابل يقبله ناقصا ويحوله إلى ما يشاكل خصوصية ما فيه من الاستعداد كالشمس التي تفيض نورا واحدا متشابه الأجزاء لكن الأجسام القابلة لنورها تتصرف فيه على حسب ما عندها من القوة والاستعداد.
فإن قلت لا ريب في أن هذه الاختلافات أمور واقعية فإن كان ما عد منشأ لها من الماهيات والاستعدادات أمورا وهمية غير واقعية لم يكن لإسناد هذه الأمور الواقعية إليها معنى ورجع الأمر إلى الوجود الذي هو أثر الجاعل الحق وهو خلاف ما ادعيتموه من إطلاق الفيض ، وإن كانت أمورا واقعية غير وهمية كانت من سنخ الوجود لاختصاص الأصالة به فكان الاستناد أيضا إلى فعله تعالى وثبت خلاف المدعي.
قلت : هذا النظر يعيد الجميع إلى سنخ الوجود الواحد ولا يبقى معه من الاختلاف