الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ » الصافات : ١٧٣ ، إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله : « فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ » أي الرسل والمؤمنين وقد وعدهم النجاة كما يدل عليه قوله : « حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ » يونس : ١٠٣ ، والمسرفون هم المشركون المتعدون طور العبودية ، والباقي ظاهر.
قوله تعالى : « لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ » امتنان منه تعالى بإنزال القرآن على هذه الأمة ، فالمراد بذكرهم الذكر المختص بهم اللائق بحالهم وهو آخر ما تسعه حوصلة الإنسان من المعارف الحقيقية العالية وأقوم ما يمكن أن يجري في المجتمع البشري من الشريعة الحنيفية والخطاب لجميع الأمة.
وقيل : المراد بالذكر الشرف ، والمعنى : فيه شرفكم أن تمسكتم به تذكرون به كما فسر به قوله تعالى : « وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ » الزخرف : ٤٤ ، والخطاب لجميع المؤمنين أو للعرب خاصة لأن القرآن إنما نزل بلغتهم وفيه بعد.
قوله تعالى : « وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً » إلى آخر الآيات الخمس ، القصم في الأصل الكسر ، يقال : قصم ظهره أي كسره ، ويكنى به عن الهلاك ، والإنشاء الإيجاد ، والإحساس الإدراك من طريق الحس ، والبأس العذاب ، والركض العدو بشدة الوطء ، والإتراف التوسعة في النعمة ، والحصيد المقطوع ومنه حصاد الزرع ، والخمود السكون والسكوت.
والمعنى : « وَكَمْ قَصَمْنا » وأهلكنا « مِنْ قَرْيَةٍ » أي أهلها « كانَتْ ظالِمَةً » لنفسها بالإسراف والكفر « وَأَنْشَأْنا » وأوجدنا « قَوْماً آخَرِينَ فَلَمَّا أَحَسُّوا » ووجدوا بالحس أي أهل القرية الظالمة « بَأْسَنا » وعذابنا « إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ » ويعدون هاربين كالمنهزمين فيقال لهم توبيخا وتقريعا « لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ » من النعم « وَمَساكِنِكُمْ » وإلى مساكنكم « لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ » أي لعل المساكين وأرباب الحوائج يهجمون عليكم بالسؤال فتستكبروا عليهم وتختالوا أو تحتجبوا عنهم وهذا كناية عن اعتزازهم واستعلائهم وعد المتبوعين أنفسهم أربابا للتابعين من دون الله.
« قالُوا » تندما « يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ » وهي كلمتهم يا ويلنا المشتملة على الاعتراف بربوبيته تعالى وظلم أنفسهم « دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً »