أن يكون بأمر غير خارج من نفسه لا بالخلق الذي هو فعل خارج من ذاته لأن من المحال أن يؤثر غيره فيه ويحتاج إلى غيره بوجه وإذ لم يكن الخلق لعبا فهناك غاية وهو المعاد ويستلزم ذلك النبوة ومن لوازمه أيضا نكال بعض الظالمين إذا ما طغوا وأسرفوا وتوقف عليه إحياء الحق كما يشير إليه قوله بعد : « بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ ».
وللقوم في تفسير قوله : « لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا » وجوه :
منها ما ذكره في الكشاف ، ومحصله أن قوله : « مِنْ لَدُنَّا » معناه بقدرتنا ، فالمعنى : أن لو شئنا اتخاذ اللهو لاتخذناه بقدرتنا لعمومها لكنا لا نشاء وذلك بدلالة « لَوْ » على الامتناع.
وفيه أن القدرة لا تتعلق بالمحال واللهو ـ ومعناه ما يشغلك عما يهمك بأي وجه وجه ـ محال عليه تعالى. على أن دلالة « مِنْ لَدُنَّا » على القدرة لا تخلو من خفاء.
ومنها قول بعضهم : المراد بقوله : « مِنْ لَدُنَّا » من عندنا بحيث لا يطلع عليه أحد لأنه نقص فكان ستره أولى.
وفيه أن ستر النقص إنما هو للخوف من اللائمة عليه وإنما يخاف من لا يخلو من سمة العجز لا من هو على كل شيء قدير فإذ رفع نقصا باللهو فليرفع آخر بما يناسبه ، على أنه إن امتنع عليه إظهاره لكونه نقصا فامتناع أصله عليه لكونه نقصا أقدم من امتناع الإظهار فيئول المعنى إلى أنا لو فعلنا هذا المحال لسترناه عنكم لأن إظهاره محال وهو كما ترى.
ومنها قول بعضهم إن المراد باللهو المرأة والولد والعرب تسمي المرأة لهوا والولد لهوا لأن المرأة والولد يستروح بهما واللهو ما يروح النفس ، فالمعنى : لو أردنا أن نتخذ صاحبة وولدا ـ أو أحدهما ـ لاتخذناه من المقربين عندنا فهو كقوله : « لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ ».
وقيل : لاتخذناه من المجردات العالية لا من الأجسام والجسمانيات السافلة ، وقيل : لاتخذناه من الحور العين ، وكيف كان فهو رد على مثل النصارى المثبتين للصاحبة والولد وهما مريم والمسيح عليهالسلام.
وفيه أنه إن صح من حيث اللفظ استلزم انقطاع الكلام عن السياق السابق.