الدّنيا وزهرتها ، يا موسى نافس في الخير أهله واسبقهم إليه فانّ الخير كاسمه ، واترك من الدّنيا ما بك الغنى عنه ، ولا تنظر عيناك إلى كلّ مفتون فيها مأكول إلى نفسه ، واعلم أنّ كلَّ فتنة بذرها حبّ الدّنيا ، ولا تغبطنّ أحداً برضا النّاس عنه حتّى تعلم أنّ الله عزّ وجلّ عنه راض ، ولا تغبطنّ أحداً بطاعة النّاس له واتّباعهم إيّاه على غير الخلق ، فهو هلاك له ولمن اتّبعه (١).
١٨٥ ـ وقال ابوجعفر صلوات الله عليه : قال موسى عليه السّلام : أيّ عبادك أبغض إليك ؟ قال : جيفة باللّيل بطّال بالنّهار.
وقال : قال موسى عليه السّلام لربّه : يا ربّ إن كنت بعيداً ناديت ، وإن كنت قريباً ناجيت ، قال يا موسى : أنا جليس من ذكرني ، فقال موسى : يا ربّ إنّا نكون على حٰال من الحالات في الدّنيا مثل الغائط والجنابة فنذكرك ؟ قال يا موسى : اُذكرني على كلّ حال.
وقال قال موسى عليه السّلام : يٰا ربّ ما لمن عاد مريضاً ؟ قال : أوكّل به ملكاً يعوده في قبره إلى محشره ، قال ربّ : ما لمن غسّل ميّتاً ؟ قال : أخرجه من ذنوبه كما خرج من بطن أمّه ، قال : يا ربّ ما لمن شيّع جنازة ؟ قال : أوكّل به ملائكةً معهم رايات يشيّعونه من محشره (٢) إلى مقامه ، قال : فما لمن عزّى الثّكلى ؟ قال : أظلّه في ظلّي يوم لا ظلّ إلّا ظلّي تعالى الله.
وقال فيما ناجى الله به موسى أن قال : اكرم السّائل إذا هو أتاك بشيءٍ أو ببذل يسير أو برد جميل ، فانّه قد أتاك (٣) من ليس بجنّيّ ولا إنسيّ ملك من ملائكة الرّحمن ليبلوك فيما خوّلتك (٤) ونسألك عمّا موّلتك ، فكيف أنت صانع ؟ وقال يا موسى : لخلوف (٥) فم الصّائم أطيب عند الله من ريح المسك (٦).
_________________________________
(١) بحار الانوار (١٣ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤) ، برقم : (٥١) و (٧٣ / ١٠٥) ، برقم : (٩٨).
(٢) في ق ٤ : في المحشر.
(٣) في بعض النّسخ والبحار : يأتيك.
(٤) في ق ١ : نولتك.
(٥) في ق ١ : لخلوق.
(٦) بحار الانوار (١٣ / ٣٥٤) ، برقم : (٥٢) ومن قوله : فيما ناجى الله به موسى. إلى قوله : فكيف أنت صانع ، في الجزء (٩٦ / ١٧٤) ، برقم : (١٦).