عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه ، قال : لمّا انتهى بهم موسى عليه السلام إلى الأرض المقدّسة ، قال لهم : ادخلوا فأبوا أن يدخلوها ، فتاهوا في أربعة فراسخ أربعين سنة ، وكانوا إذا أمسوا نادى مناديهم أمسيتم الرّحيل (١) ، حتّى إذا انتهى إلى مقدار ما أرادوا أمر الله الارض ، فدارت بهم إلى منازلهم الأولى ، فيصبحون في منزلهم الّذي ارتحلوا منه ، فمكثوا بذلك أربعين سنة ينزل عليهم المنّ والسّلوى ، فهلكوا فيها أجمعين إلّا رجلين يوشع بن نون وكالب بن يوفنا (٢) الّذين أنعم الله عليهما ، ومات موسى وهارون صلوات الله عليهما ، فدخلها يوشع بن نون وكالب وأبناؤهما ، وكان معهم حجر كان موسى يضربه بعصاه ، فينفجر منه الماء لكل سبط عين (٣).
١٩٩ ـ وبالاسناد المتقدّم ، عن وهب بن منبّه ، عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال : قال بنو إسرائيل لموسى عليه السّلام حين جاز بهم البحر : خبّرنا يا موسى بأيّ قوّة وبأيّ عدّة وعلى أيّ حمولة تبلغ الأرض المقدّسة ومعك الذّرية والنّساء والهرمى والزّمني ؟ فقال موسى عليه السّلام : ما أعلم قوماً ورّثه الله من عرض الدّنيا ما ورّثكم ، ولا أعلم أحداً آتاه منها مثل الّذي آتاكم ، فمعكم من ذلك مالا يحصيه إلّا الله تعالى ، وقال موسى : سيجعل الله لكم مخرجاً ، فاذكروه وردّوا إليه اُموركم ، فانّه أرحم بكم من أنفسكم ، قالوا : فادعه يطعمنا ويسقينا ويكسنا ويحملنا من الرّجلة ويظلّلنا من الحرّ ، فأوحى الله تعالى إلى موسى قد أمرت السّماء أن يمطر عليهم المنّ والسّلوى ، وأمرت الرّيح أن تنشف لهم السّلوى ، وأمرت الحجارة أن تنفجر ، وأمرت الغمام أن تظلّهم ، وسخرت ثيابهم أن تثبت بقدر ما يثبتون (٤) ، فلمّا قال لهم موسى ذلك سكتوا ، فسار بهم موسى فانطلقوا يؤمّون الأرض المقدّسة وهي فلسطين ، وإنّما قدّسها ، لأنّ يعقوب عليه السّلام وُلد بها ، وكانت مسكن أبيه اسحاق عليه السّلام ، ويوسف عليه السّلام ولد بها ، ونقلوا كلّهم بعد الموت إلى أرض فلسطين(٥).
_________________________________
(١) في ق ٣ : كرر الرحيل.
(٢) في ق ١ : باقنا ، وفي ق ٤ وق ٥ : باقنا.
(٣) بحار الانوار (١٣ / ١٧٧ ـ ١٧٨) ، برقم : (٦).
(٥) في ق ٣ : أن تنبت بقدر ما يلبسون ، وفي البحار : أن تنبت بقدر ما ينبتون.
(٥) بحار الانوار (١٣ / ١٧٨) ، برقم : (٧).