على سطيح وقد أشفى على الموت ، فسلّم عليه فلم يحر جواباً.
ثمَّ قال : عبد المسيح على جمل مشيح (١) أتى إلى سطيح ، وقد أوفى على الضّريح (٢) بعثك ملك بني ساسان لارتجاس الأيوان وخمود النّيران ورؤيا المؤبذان : رآى إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها.
فقال يا عبد المسيح إذا كثرت التّلاوة ، وظهر صاحب الهراوة ، وفاض وادي السّماوة ، وغاضت (٣) بحيرة ساوة ، وخمدت نار (٤) فارس ، فليس الشّام لسطيح شاماً ، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشّرفات ، وكلّما هو آتٍ آتٍ.
ثمَّ قضى سطيح مكانه ، فنهض عبد المسيح ، وقدم على كسرى وأخبره بما قال سطيح ، فقال : إلى أن يملك منّا أربعة عشر ملكاً كانت أمور ، فملك منهم عشرة في أربع سنين والباقون إلى إمارة عثمان (٥).
٣٤٦ ـ وذكر ابن بابويه في كتاب كمال الدّين : أنّ في الانجيل : إنّي أنا الله لا اله الا أنا الدّائم الّذي لا أزول ، صدّقوا النّبيَّ الاُميَّ صاحب الجمل والمدرعة ، الاكحل العينين ، الواضح الخدّين ، في وجهه نور كاللّؤلُؤ وريح المسك ينفخ منه ، لم ير قبله مثله ولا بعده طيّب الرّيح ، نكّاح النّساء ، ذو النّسل القليل ، إنّما نسله من مباركة ، لها بيت في الجنّة لا صخب فيه ولا نصب ، يكفلها في آخر الزّمان كما كفّل زكريّا اُمّك ، لها فرخان مستشهدان كلامه القرآن ودينه الاسلام وأنا السّلام ، طوبى لمن أدرك زمانه وشهد أيّامه وسَمِعَ كلامه.
فقال عيسى عليه السلام : يا ربّي وما طوبى ؟
قال : شجرة في الجنّة ، أنا غرستها بيدي ، تظلّ الأخيار ، أصلها من رضوان ، ماؤها من تسنيم ، بردها برد الكافور ، وطعمه طعم الزّنجبيل ، من يشرب من تلك العين شربة لم يظمأ بعدها أبداً.
_________________________________
(١) أي : طويل.
(٢) في بعض النسخ : بعثه. والضّريح بمعنى القبر.
(٣) في بعض النسخ : غاصت.
(٤) في بعض النسخ : نيران.
(٥) بحار الانوار (١٥ / ٢٦٣ ـ ٢٦٦) ، برقم : (١٤) عن كمال الدّين مفصّلاً (١ / ١٩١ ـ ١٩٦).