وقد شاركوا فيه ، فحماداهم أن تعطوا الدّية (١).
فقالوا : الرّأي رأي الشّيخ النّجدي ، فاختاروا خمسة عشر رجلاً فيهم أبولهب على أن يدخلوا على رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فأنزل الله تعالى جلّ ذكره : « يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّـهُ وَاللَّـهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ » (٢) وأجمعوا أن يدخلوا عليه ليلاً وكتموا أمره ، فقال أبولهب : بل نحرسه ، فاذا أصبحنا دخلنا عليه ، فقاموا حول حجرة رسول الله صلّى الله عليه وآله.
وأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله أن يفرش له ، وقال لعليّ بن أبي طالب عليه السلام : أفدني نفسك ، فقال : نعم يا رسول الله قال : نم على فراشي والتحف ببردتي ، فقام وجاء جبرئيل عليه السلام فقال : اخرج والقوم يشرفون على الحجرة (٣) فيرون فراشه وعليّ عليه السلام نائم عليه ، فيتوهّمون أنّه رسول الله.
فخرج رسول الله وهو يقرأ : يس إلى قوله : « فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ » (٤) أخذ تراباً بكفّه ونثره عليهم وهم نيام ومضى ، فقال جبرئيل عليه السلام : يا محمّد خذ ناحية ثور ، وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثّور ، فمرّ رسول الله صلى الله عليه وآله وتلقاه أبو بكر في الطّريق ، فأخذ بيده ومرّ به ، فلمّا انتهى إلى ثور دخل الغار.
فلمّا أصبحت قريش وأضاء الصّبح ، وثبوا في الحجرة
وقصدوا الفراش ، فوثب عليّ عليه السلام إليهم وقام في وجوههم ، فقال لهم : ما لكم ؟ قالوا : أين ابن عمّك ؟ قال
عليّ عليه السلام جعلتموني عليه رقيباً ؟ ألستم قلتم له : اخرج عنّا ؟ فقد خرج عنكم فما
تريدون ؟
_________________________________
(١) عبارت النّسخ هنا مختلفة ففي ق ٣ : وقد شاركوا فيه ولا يسوغ لهم أن يعطوا الدّية. وفي إعلام الورى ص (٦٢) : فأبقي لهم أن تعطوهم الدّية فأعطوهم ثلاث ديات بل لو أرادوا عشر ديات. وفي التّفسير المنسوب إلى علي بن إبراهيم ، الجزء (١ / ٢٧٥) : فان سألوكم أن تعطوا الدّية فاعطوهم ثلاث ديات فقالوا : نعم وعشر ديات ... ونحوه عبارة البحار ، الجزء (١٩ / ٥٠). وما احسن عبارة المتن عن ق ١ و ٢ و ٥ ولا يدرى أنّ العلامة المجلسي لماذا ضرب عن هذا التّعبير المختصر الجميل فقوله : فحماداهم ، أي قُصاراهم وغاية ما يُحمد منهم أن تعطوهم الدّية. اُنظر : حمد ، في كتب اللّغة.
(٢) سورة الانفال : (٣٠).
(٣) في ق ٣ : يهرعون على الحجرة ، أي يمشون إليها بسرعة واضطراب.
(٤) سورة يس : (٩).