وأتى رسول الله صلّى الله عليه وآله البيت ، وأخذ بعضادتي الباب ثمّ قال : « لا إله إلّا الله ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وغلب الأحزاب وحده ». ثمّ قال : ما تظُنّون ؟ وما أنتم قائلون ؟ قال سهل : نقول خيراً ونظنّ خيراً ، أخ كريم وابن عمّ ، قال : فإِنّي أقول كما قال أخي يوسف : « لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ » (١).
٤٢٥ ـ ثمّ كانت غزوة حنين ، وهو : أنّ هوازن جمعت له جمعاً كثيراً ، فذكر لرسول الله أنّ صفوان بن أميّة عنده مائة درع فسأله ذلك ، فقال : أغصباً يا محمّد ؟ قال : لا ولكن عارية مضمونة ، قال : لا بأس بهذا ، فأعطاه فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله في ألفين من مكّة (٢) ، فأنزل الله : « وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ » (٣).
قال جابر : فسرنا حتّى إذا استقبلنا وادي حنين ، وكان القوم قد كمنوا في شعاب الوادي ومضايقه ، فما راعنا إلّا كتائب الرّجال بأيديهم السّيوف والقنا ، فشدّوا علينا شدّه رجل واحد ، فانهزم النّاس كلّهم لا يلوي أحد على أحد ، وأخذ رسول الله ذات اليمين ، وأحدق ببغلته تسعة من بني عبد المطّلب ، فأقبل مالك بن عوف يقول : أروني محمّداً ، فأروه فحمل على رسول الله فأبى فرسه أن يقدم نحو رسول الله ، ونادى رسول الله أصحابه وذمّرهم (٤) ، فاقبل أصحابه سريعاً وقال : « الآن حمي الوطيس » (٥).
أنـا النّبـيّ لا كـذب |
|
أنا ابن عبد المطّلب |
ونزل وقبض قبضة من تراب ثمّ إستقبل به وجوههم ، وقال
: شاهت الوجوه ، فولّوا مدبرين وأتبعهم المسملون ، فقتلوهم وغنمهم الله نساءهم وذراريهم وشاءهم وأموالهم ، وفرّ
مالك بن عوف ودخل حصن الطّائف مع أشراف قومه ، وأسلم عند ذلك كثير من أهل مكّة حين رأوا
_________________________________
(١) بحار الانوار (٢١ / ١٢٤ ـ ١٢٩) عن أعلام الورى ص (١٠٦ ـ ١٠٩) اختصاراً ، والآية في سورة يوسف : (٩٢).
(٢) في البحار : في ألفين من مكة وعشرة آلاف كانوا معه ، قال أحد أصحابه : لن نغلب اليوم من قلة.
(٣) سورة التوبة : (٢٥). |
(٤) أي : حثهم وشجعهم. |
(٥) الوطيس : التّنور كما في نهاية ابن الاثير عند الكلام في : حما ، (١ / ٤٤٧) وقال : هو كناية عن شدّة الامر واضطرام الحرب. ويقال : إنّ هذه الكلمة أول من قالها : النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا اشتد البأس يومئذٍ « يوم حنين » ولم تسمع قبله وهو من أحسن الاستعارات. وقال في حرف الطاء (٥ / ٢٠٤) : الوطيس شبه التّنور .. ولم تسمع هذا الكلام من أحد قبل النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم وهو من فصيح الكلام عبّر به عن اشتباك الحرب وقيامها على ساق.