ولم يبرح رسول الله صلّى الله عليه وآله من المكان حتّى نزل : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا » (١) فقال : الحمد لله على كمال الدّين وتمام النّعمة ورضا الرّب برسالتي والولاية لعليّ عليه السلام من بعدي (٢).
٤٣٢ ـ ولمّا قدم رسول الله صلّى الله عليه وآله المدينة من حجّة الوداع بعث اُسامة بن زيد ، وأمره أن يقصد إلى حيث قتل أبوه ، وأمّره على وجوه المهاجرين والأنصار وفيهم أبوبكر وعمر وابو عبيدة وعسكر اُسامة بالجرف ، واشتكى رسول الله صلّى الله عليه وآله شكايته الّتي توفّي فيها ، وكان صلّى الله عليه وآله يقول : نفّذوا جيش أُسامة ويكرّر ذلك ، وإنّما فعل صلّى الله عليه وآله لئلّا يبقى بالمدينة عند وفاته من يختلف في الامامة ويطمع في الامارة ، ويستوثق الأمر لأهل بيته لعليٍّ ومن بعده (٣).
فصل ـ١٣ ـ
٤٣٣ ـ ولمّا أحسّ النبيّ صلّى الله عليه وآله بالمرض الّذي اعتراه (٤) أخذ بيد عليّ عليه السلام وقال : أقبلت الفتن كقطع اللّيل المظلم ، وأنّ جبرئيل كان يعرض القرآن عَلَيَّ كلّ سنة مرّة ، وقد عرض عليَّ العام مرّتين ، ولا أراه إلّا لحضور أجلي.
ثمّ قال : إنّي خُيّرت يا عليّ بين خزائن الدّنيا والخلود فيها أو الجنّة ، فاخترت لقاء ربّي والجنّة ، فاذا أنا متّ فاغسلني ، واستر عورتي فإنّه لا يراها أحد إلّا أكمه ، فمكث ثلاثة أيّام موعوكاً (٥) ، ثمّ خرج إلى المسجد معصوب الرّأس متكئاً على عليّ عليه السلام بيمينه وعلى الفضل بن العباس باليد الاُخرى ، فجلس على المنبر وخطب.
ثمّ قال : أيها النّاس إنّه ليس بين الله وبين أحد
شيء يعطيه به خيراً ويصرف عنه شرّاً إلّا العمل (الصّاح) (٦) أيّها الناس لا يدّع
مدّع ولا يتمنّ (٧) متمنّ ، والّذي
بعثني بالحق نبيّاً
_________________________________
(١) سورة المائدة : (٣).
(٢) بحار الانوار (٢١ / ٣٨٩ ـ ٣٩٠) ، برقم : (١٢) عن أعلام الورى.
(٣) إعلام الورى ص (١٣٣) واثبات الهداة (١ / ٦١٥) ، برقم : (٦٣٦).
(٤) في البحار والارشاد : عراه ، وفي جميع النّسخ الخطيّة : اعتاره.
(٥) أي المحموم الذي اشتدت عليه الحمى وآذته.
(٦) الزّيادة من أعلام الورى. |
(٧) في البحار والارشاد : لا يدّعى مدّع ولا يتمنّى. |