عبادة الله ، فلا يزال يجيبه واحد بعد واحد ، حتّى صاروا سبعة وسبعين ، إلى أن صاروا سبعمائة ثم بلغوا ألفاً ، فاختار منهم سبعة ، فقال لهم : تعالوا فليدع بعضنا وليؤمّن بقيتنا ، ثم رفعوا أيديهم إلى السّماء فنبّأه الله ودلّ (١) على عبادته ، فلم يزالوا يعبدون الله حتّى رفع الله تعالى إدريس عليه السلام إلى السّماء وانقرض من تابعه.
ثمَّ اختلفوا حتّى كان زمن نوح عليه السلام وأنزل الله على إدريس ثلاثين صحيفة ، وهو أوّل من خطّ بالقلم ، وأوّل من خاط الثّياب ولبسها ، وكان من كان قبله يلبسون الجلود ، وكان كلّما خاط سبّح الله وهلّله وكبّره ووحّده ومجّده ، وكان يصعد إلى السّماء من عمله في كلّ يوم مثل أعمال أهل زمانه كلّهم.
قال : وكانت الملائكة في زمن إدريس صلوات الله عليه يصافحون النّاس ويسلّمون عليهم ويكلّمونهم ويجالسونهم ، وذلك لصلاح الزّمان وأهله ، فلم يزل النّاس على ذلك حتّى كان (٢) زمن نوح عليه الصّلاة والسّلام وقومه ، ثم انقطع ذلك.
وكان من أمره مع ملك الموت ما كان حتى دخل الجنّة ، فقال له ربّه : إنّ إدريس إنّما حاجّك فحجّك بوحي (٣) وأنا الّذي هيّأت له تعجيل دخول الجنّة ، فانّه كان ينصب نفسه وجسده يتعبهما لي ، فكان حقّاً عليّ أن أعوّضه (٤) من ذلك الرّاحة (٥) والطّمأنينة وأن أُبوّئه بتواضعه لي وبصالح عبادتي من الجنّة مقعداً ومكاناً عليّاً (٦).
فصل ـ ٢ ـ
٦٢ ـ وبالاسناد عن سعد
بن عبد الله ، حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن الحسن بن عطا الأزدي ، عن عبد السّلام ، عن عمّار اليقظان (٧) قال : كان عند أبي
_________________________________
(١) في ق ١ : ودله.
(٢) في ق ٣ : الى ان كان.
(٣) في ق ٤ والبحار : بوحيي.
(٤) في ق ٤ : اعتوضه.
(٥) في ق ٢ وق ٤ : بالراحة.
(٦) بحار الانوار (١١ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠) ، برقم : (٩).
(٧) في البحار : أبي اليقظان.