كثيرة ، فسأله رجل وأين الرّس ؟ فقال : هو نهر بمنقطع آذربيجان ، وهو بين حدّ (١) أرمنيّة وآذربيجان ، وكانوا يعبدون الصّلبان ، فبعث الله إليهم ثلاثين نبيّاً في مشهد واحد فقتلوهم جميعاً ، فبعث الله إليهم نبيّاً وبعث معه وليّاً فجاهدهم ، وبعث الله ميكائيل في أوان وقوع الحبّ والزّرع ، فانضب ماءهم ، فلم يدع عيناً ولا نهراً ولا ماءاً إلّا أيبسه ، وأمر ملك الموت فامات مواشيهم وأمر الله الأرض فابتلعت ما كان لهم من تبر أو فضة أو آنية « فهو لقائمنا عليه السلام إذا قام » فماتوا كلّهم جوعاً وعطشاً وبكاءاً ، فلم يبق منهم باقية وبقي منهم قوم مخلصون ، فدعوا الله أن ينجيهم بزرع وماشيةٍ وماءٍ ويجعله قليلاً لئلّا يطغوا ، فأجابهم الله إلى ذلك ، لما علم من صدق نيّاتهم.
ثمَّ عاد القوم الى منازلهم ، فوجدوها قد صارت أعلاها أسفلها ، وأطلق الله لهم نهرهم وزادهم فيه على ما سألوا ، فقاموا على الظّاهر والباطن في طاعة الله ، حتى مضى أولئك القوم ، وحدث نسل بعد ذلك أطاعوا الله في الظاهر ونافقوه في الباطن وعصوا بأشياء شتّى ، فبعث الله من أسرع فيهم القتل ، فبقيت شرذمة منهم ، فسلّط الله عليهم الطّاعون ، فلم يبق منهم أحدٌ وبقي نهرهم ومنازلهم مائتي عام لا يسكنها أحدٌ ، ثمَّ أتى الله تعالى بقوم بعد ذلك فنزلوها وكانوا صالحين ، ثم أحدث قوم منهم فاحشة واشتغل الرّجال بالرجال والنّساء بالنّساء ، فسلّط الله عليهم صاعقة ، فلم يبق منهم باقية (٢).
٩٠ ـ وباسناده عن ابن أورمة ، عن علي بن محمد
الخيّاط ، عن علي بن أبي حمزة (٣) عن أبي بصير عن أبي عبد الله صلوات الله عليه في قوله تعالى : « كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ » (٤) فقال : هذا لمّا كذبوا صالحاً صلوات الله عليه ، وما أهلك الله تعالى قوماً قطّ
حتّى يبعث إليهم الرّسل قبل ذلك فيحتجّوا عليهم ، فاذا لم يجيبوهم أهلكوا ، وقد كان بعث الله
صالحاً عليه السّلام فدعاهم إلى الله فلم يجيبوه وعتوا عليه ، وقالوا : لن نؤمن لك حتّى
تخرج لنا من الصّخرة ناقة عُشرآء (٥) ، وكانت صحرة يعظّمونها
ويذبحون عندها في رأس كلّ سنة
_________________________________
(١) في ق ٣ : هو من حدّ. |
(٢) بحار الانوار (١٤ / ١٥٣ ـ ١٥٤) ، برقم : (٤). |
(٣) وفي النسخ : علي بن حمزة والظّاهر أنّه : علي بن أبي حمزة البطائني قائد أبي بصير.
(٤) سورة القمر : ٢٣.
(٥) ناقة عشراء : هي التي مضى من حملها عشرة أو ثمانية أشهر ، أو هي كالنفساء من النساء.