وجمع الأكثر بين الأخبار بالتفصيل لأنّ اختلاف الأحاديث يقتضي اختلاف الحكم ، صوناً لها عن التناقض ، والوضوء مخفّف الحكم ، والغسل مثقّلة ، فتكون الضربة للوضوء لأنّه أخفّ.
قال في الذكرى : وليس التخيير بذلك البعيد إن لم يكن إحداث قول ، أو تحمل المرّتان على الندب ، كما قاله المرتضى ، واستحسنه في المعتبر. (١)
واعلم أنّه على القول المشهور لا تجزئ ضربة في بدل الغسل قطعاً ، وهل تجزئ في بدل الوضوء ضربتان؟ ظاهر كلامهم : عدم مشروعيّة الثانية ، فيأثم بها ، لكن لا يبطل التيمّم ، إلا أن يخرج بها عن الموالاة.
(ويجب الترتيب) فيه بين الأعضاء كما وقع في الذكر : يبدأ بالضرب ثمّ يمسح الجبهة ثمّ اليد اليمنى ثمّ اليسرى للإجماع نَقَله المصنّف في التذكرة ، (٢) وغيرُه ، (٣) وللأخبار ، (٤) فلو أخلّ به ، استدرك ما يحصل معه الترتيب إن لم يطل الزمان كثيراً بحيث يفوّت الموالاة ، وإلا وجب الاستئناف من رأس.
ولم يذكر المصنّف وجوب الموالاة ، ولا بدّ منه ، وقد صرّح به في التذكرة ، (٥) وأسنده في الذكرى إلى الأصحاب. (٦)
ويدلّ عليه العطف بـ «الفاء» في قوله تعالى (فَتَيَمَّمُوا .. فَامْسَحُوا) (٧) لدلالتها على التعقيب بغير مهلة في مسح الوجه بعد تيمّم الصعيد الذي هو قصده والضرب عليه ، فيلزم فيما عدا ذلك من الأعضاء لعدم القائل بالفصل. وللمتابعة في التيمّم البياني عن النبيّ وأهل بيته عليهمالسلام ، فيجب التأسّي. والأولى الاستناد إلى الإجماع.
والمراد بالموالاة هنا هي المتابعة عرفاً ، ولا يضرّ التراخي اليسير الذي لا يخلّ بصدق التوالي عرفاً لعسر الانفكاك منه.
__________________
(١) الذكرى ٢ : ٢٦٢ ، وانظر : المعتبر ١ : ٣٨٨ ٣٨٩ ، وفيهما حكاية قول السيّد المرتضى عن شرح الرسالة له.
(٢) تذكرة الفقهاء ٢ : ١٩٦ ، المسألة ٣٠٨.
(٣) كالمحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ٤٩٢.
(٤) منها ما في الكافي ٣ : ٦٢ / ٤ ؛ والتهذيب ١ : ٢٠٧ / ٥٩٨ ؛ والاستبصار ١ : ١٧٠ / ٥٩١.
(٥) تذكرة الفقهاء ٢ : ١٩٧ ، المسألة ٣٠٩.
(٦) الذكرى ٢ : ٢٦٧.
(٧) المائدة (٥) : ٦.