فيه من اعتبار التضيّق (١) في فعل التيمّم مطلقاً.
ولو جعلنا الأولويّة للاستحباب ، فلا بدّ من تقييد العبارة هنا بالضيق لئلا تتناول الصحّة مع السعة حيث لا يتحقّق وجود الماء على ذلك الوجه.
واعلم أنّ الأصل يقتضي عدم وجوب إعادة الصلاة مع مراعاة التضيّق وإن أساء بترك الطلب لإيجابه الانتقال إلى طهارة الضرورة. لكن لا سبيل إلى ردّ الحديث (٢) المشهور ومخالفة الأصحاب ، فإنّهم بين موجب للإعادة مطلقاً ، كالشيخ (٣) رحمهالله حيث حكم بأنّه مَنْ أخلّ بالطلب وتيمّم وصلّى فتيمّمه وصلاته باطلان للمخالفة ، ولم يقيّد بالسعة ، وبين موجب للإعادة على تقدير ظهور الماء على الوجه المذكور ، وهُم المصنّف والجماعة العاملين بمقتضى الخبر.
ويتفرّع على ذلك ما لو كان الماء موجوداً عنده فأخلّ باستعماله حتى ضاق الوقت عن الطهارة به والصلاة ، فهل يتيمّم ويؤدّي ، أم يتطهّر به ويقضي؟ ظاهر إطلاق الشيخ (٤) بطلان التيمّم والصلاة قبل الطلب للفاقد يقتضي الثاني بطريق أولى. وبه صرّح المحقّق بل بما هو أبلغ منه حيث قال : مَنْ كان الماء قريباً منه وتحصيله ممكن لكن مع فوات الوقت ، لم يجز التيمّم ، ويسعى إليه لأنّه واجده. (٥)
واختار المصنّف في المنتهي (٦) والتذكرة الأوّل ، قال فيها بعد حكاية هذا الفرع : الوجه عندي وجوب التيمّم لتعذّر استعماله. نعم ، لو تمكّن من استعماله و [أداء (٧)] وركعة ، لم يجز التيمّم. (٨)
وفرّق المحقّق الشيخ علي بين ما لو كان الماء موجوداً عنده بحيث يخرج الوقت لو استعمله وبين مَنْ كان الماء بعيداً عنه بحيث لو سعى إليه لخرج الوقت ، فأوجب الطهارة
__________________
(١) في «م» : «الضيق».
(٢) الكافي ٣ : ٦٥ / ١٠ ؛ التهذيب ١ : ٢١٢ / ٦١٦.
(٣) النهاية : ٤٨.
(٤) النهاية : ٤٨.
(٥) المعتبر ١ : ٣٦٦.
(٦) منتهى المطلب ٣ : ٣٨.
(٧) ما بين المعقوفين من المصدر.
(٨) تذكرة الفقهاء ٢ : ١٦١ ـ ١٦٢ ، المسألة ٢٩١.