وهو لا يعلم فلا إعادة عليه ، وإن علم قبل أن يصلّي وصلّى فيه فعليه الإعادة (١). وفي مقطوعة زرارة قال : قلت : أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من منيّ فعلّمت أثره إلى أن أُصيب الماء ، فأصبت وحضرت الصلاة ونسيت أنّ بثوبي شيئاً وصلّيت ثمّ إنّي ذكرت بعد ذلك ، قال : «تعيد الصلاة وتغسله» (٢).
وفي معناها روايات أُخر متناولة بإطلاقها الناسي والعامد ، فيشتركان في غير الإثم. وهو اختيار الأكثر (٣).
وثانيها : عدم الإعادة مطلقاً ؛ لرفع الخطأ والنسيان عن الأُمّة.
ولحسنة العلاء عن أبي عبد اللهُ ، قال : سألته عن الرجل يصيب ثوبه الشيء فينجّسه فينسى أن يغسله فيصلّي فيه ثمّ يذكر أنّه لم يكن غسله ، أيعيد الصلاة؟ قال لا يعيد ، قد مضت الصلاة وكُتِبت له (٤). ويؤيّد هذه الرواية أنّ العمل بها لا ينافي العمل بالأُولى ؛ لأنّ مطلقها يحمل على العامد ، فيجمع بين النصّين ، بخلاف العمل بالأُولى ؛ فإنّ فيه اطراح هذه بالكلّيّة.
وحملها الشيخ في التهذيب على نجاسة قليلة لا تجب إزالتها ، كالدم اليسير (٥).
وثالثها : أنّه (يعيد في الوقت خاصّةً) كما اختاره المصنّف هنا ، جمعاً بين الأخبار بحمل الثانية على خروج الوقت ، والأولى على بقائه.
ويؤيّد هذا الحمل ما رواه عليّ بن مهزيار ، قال : كتب إليه سليمان بن رشيد يُخبره أنّه بال في ظلمة الليل وأنّه أصاب كفّه برد نقطة من البول لم يشكّ أنّه أصابه ولم يره وأنّه مسحه بخرقة ثمّ نسي أن يغسله وتمسّح بدهن فمسح به كفّيه ووجهه ورأسه ثمّ توضّأ وضوء الصلاة فصلّى ، فأجابه بجوابٍ قرأته بخطّه «أمّا ما توهّمت ممّا أصاب يدك فليس بشيء إلا ما تحقّق ، فإن حقّقت ذلك كنت حقيقاً أن تعيد الصلوات التي كنت صلّيتهنّ بذلك الوضوء
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٥٤ / ٧٣٧ ، الاستبصار ١ : ١٨٢ / ٦٣٧.
(٢) التهذيب ١ : ٤٢١ / ١٣٣٥ ، الاستبصار ١ : ١٨٣ / ٦٤١.
(٣) منهم : السيّد المرتضى كما في المعتبر : ٤٤١ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ٥٢ ، والمبسوط ١ : ٣٨ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ١٨٣.
(٤) التذهيب ١ : ٤٢٣ ـ ٤٢٤ / ١٣٤٥ ، الاستبصار ١ : ١٨٣ ـ ١٨٤ / ٦٤٢.
(٥) التهذيب ١ : ٤٢٤.