وفي كلّ هذه ينوي الاستباحة أو الرفع ، ويحصلان له عدا النوم ففيه نظر.
أمّا نيّة الرفع : فلا إشكال فيها بعد ثبوت إيقاع هذه الأشياء على طهارة.
وأمّا الاستباحة : فذكرها الشهيد رحمهالله في بيانه (١) ساكتاً عليها. وأمرها مشكل فيما عدا الصلاة المندوبة ؛ لإباحة هذه الأشياء بدونها ، فكيف ينوي استباحتها بها!؟ والأولى في النيّة رفع الحدث أو إيقاع هذه الأشياء على الوجه الأكمل ؛ لتوقّفه على رفع الحدث.
وأمّا النوم : فالوضوء له غايته الحدث فكيف يرفعه!؟
وألحقه في المعتبر (٢) بالصحيح ؛ لأنّه قصد النوم على أفضل أحواله ، ولما في الحديث من استحباب النوم على طهارة ، وهو مشعر بحصولها.
واعترضه شيخنا الشهيد رحمهالله بأنّه لا يلزم من استحباب النوم على الطهارة صحّة الطهارة للنوم ؛ إذ الموصل إلى ذلك وضوء رافع للحدث ، فلينو رفعه أو استباحة مشروط به لا منافٍ له.
قال : والتحقيق أنّ جَعْل النوم غايةً مجاز ؛ إذ الغاية هي الطهارة في آن قبل النوم بحيث يقع النوم عليها ، فيكون من باب الكون على طهارة ، وهي غاية صحيحة. (٣)
(ونوم الجنب) وإنّما خصّه بالذكر مع دخوله في استحباب الوضوء للنوم ؛ لمزيد الاهتمام به ، ولورود النصّ (٤) عليه بخصوصه ، ولدفع توهّم عدم شرعيّة الوضوء للجنب. (وجماع المحتلم) قبل الغسل. وعُلّل في الخبر (٥) بأنّه لا يؤمن أن يجيء الولد مجنوناً لو حملت من ذلك الجماع. وهو يقتضي تخصيص الكراهة بوقت احتمال الحمل ، فتنتفي بدونه.
والأولى تعميم الحكم ؛ إذ لا يلزم من تأثيره في الحمل على تقدير كونه مسبّباً عنه انتفاء
__________________
و ٢ : ١١٦ / ٤٣٤ ، و ٣ : ٢٠٣ / ٤٧٦ ؛ والاستبصار ١ : ١١٣ ـ ١١٤ / ٣٧٨ ؛ وقرب الإسناد : ٣٩٥ / ١٣٨٦ ؛ والخصال ٢ : ٦٢٧. ولم نعثر على نصّ بالخصوص لاستحباب الوضوء لزيارة المقابر. نعم ، قال الشهيد في الذكرى ١ : ١٩٣ : ويستحبّ لندبي الصلاة والطواف .. ولصلاة الجنازة وزيارة قبور المؤمنين .. كلّ ذلك للنصّ.
(١) البيان : ٣٧.
(٢) المعتبر ١ : ١٤٠.
(٣) الذكرى ٢ : ١١١ ـ ١١٢.
(٤) الكافي ٣ : ٥١ / ١٠ ؛ الفقيه ١ : ٤٧ / ١٧٩ ؛ التهذيب ١ : ٣٧٠ / ١١٢٧.
(٥) الفقيه ٣ : ٢٥٦ / ١٢١٢ ؛ علل الشرائع ٢ : ٢٢٩ / ٣ ، الباب ٢٨٩ ؛ التهذيب ٧ : ٤١٢ / ١٦٤٦.