(و) يجب أيضاً زيادةً على الوضوء لأربعة أشياء (لدخول المساجد) مع اللبث في غير المسجدين ، وفيهما يكفي في الوجوب مجرّد الدخول (وقراءة) سور (العزائم) الأربع أو شيء منها حتّى البسملة إذا قصدها لأحدها.
والمراد بالعزائم نفس السجدات الواجبة ، فإطلاقها على السور من باب حذف المضاف ، أي : سور العزائم ، وتسميتها عزائم بمعنى إيجاب الله تعالى لها على العباد ، كما هو أحد معنيي العزيمة.
وفي تسميتها عزائم احتراز عن باقي السجدات المستحبّة ، لا بالمعنى المشهور للأُصوليّين من أنّ العزيمة ما وجب فعله مع عدم قيام المانع ، وهو المعنى المقابل للرخصة ؛ إذ لا وجه لاختصاصها بذلك من بين نظائرها هنا من الواجبات وإن كان التعريف صادقاً عليها.
ومستند الحكم فيهما النصّ والإجماع.
وإنّما يجب الغسل لهما إذا كانا واجبين بنذرٍ وشبهه ؛ إذ لا وجوب لأحدهما بأصل الشرع ، كما نبّه عليه المصنّف بقوله (إن وجبا) أي كلّ واحد من الدخول والقراءة بانفراده.
وإطلاق الغسل يشمل بظاهره تحريم هذه الأشياء على محدثٍ يجب عليه الغسل بجنابةٍ أو غيرها ، فيدخل فيه حدث مسّ الأموات ، وهو على إطلاقه في الغاية (١) التي شارك فيها الوضوء.
وأمّا دخول المساجد وقراءة العزائم فعمّم المصنّف الحكمَ فيها في التذكرة. (٢)
واستثنى الشهيد رحمهالله ماسّ الميّت من تحريم دخول المساجد. (٣) وادّعى عليه ابنُ إدريس الإجماع. (٤) والمنقول منه بخبر الواحد حجّة مع اعتضاده بأصالة البراءة وخُلوّ الأخبار من الدلالة عليه نفياً وإثباتاً.
وأمّا قراءة العزائم له فليس فيها تصريح لأحد من الأصحاب. والظاهر أنّ الحكم فيه كذلك ؛ لأصالة البراءة وعدم الدليل المحرّم.
وأمّا حدث الاستحاضة ، الموجب للغسل : فظاهر عبارة جماعة أنّه كالحيض في منع
__________________
(١) في «ق ، م» : «الغايات».
(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ٢٣٥ و ٢٣٨ ، المسألتان ٦٨ و ٧٠.
(٣) الدروس ١ : ١١٧.
(٤) السرائر ١ : ١٦٣.