الأوصاف والأحكام حتى أجناسها أنواع لمطلق الوصف والحكم ، فإضافة النوع إلى الوصف والحكم بيانية أي النوع الذي هو الوصف أو الحكم المطلوب ، فهو نوع لمطلق الوصف والحكم. وقد تبين بالإضافة إلى الوصف المخصوص والحكم المطلوب الاحتراز عن الأنواع العالية أو المتوسطة التي وقع التعبير عنها بلفظ الجنس.
وأما إضافة الجنس إلى الوصف والحكم فبمعنى اللام على أنّ المراد بهما الوصف المعروف [للحكم المطلوب أي الوصف الذي جعل علة] (١) ، كما في حال إضافة النوع. والمراد بالجنس هو الجنس القريب ، مثلا عجز الإنسان عن الإتيان بما يحتاج إليه وصف وهو علّة لحكم فيه تخفيف للنّصوص الدّالّة على عدم الحرج والضّرر. فعجز الصبي الغير العاقل نوع وعجز المجنون نوع آخر ، جنسهما العجز بسبب عدم العقل ، وفوقه الجنس الذي هو العجز بسبب ضعف القوى الظاهرة والباطنة على ما يشتمل المريض ، وفوقه الجنس الذي هو العجز النّاشئ من الفاعل بدون اختياره على ما يشتمل المحبوس ، وفوقه الجنس الذي هو العجز النّاشئ من الفاعل على ما يشتمل المسافر أيضا ، وفوقه مطلق العجز الشامل لما ينشأ عن الفاعل وعن محلّ الفعل وعن الخارج. وهكذا في جانب الحكم فإنّه يقابل كلا ممّا ذكر في جانب الوصف حكم في مرتبته عموما وخصوصا ، فليعتبر مثل ذلك في جميع الأوصاف والأحكام ، وإلاّ فتحقق (٢) الأنواع والأجناس وأقسامهما ممّا يتعسّر في الماهيّات الحقيقية فضلا من (٣) الاعتباريات. فالحاصل أنّ الوصف المؤثّر هو الذي يثبت بنصّ أو إجماع عليّة ذلك النوع من الوصف لذلك النوع من الحكم ، كالعجز بسبب عدم العقل مؤثّر في سقوط ما يحتاج إلى النية ، أو عليّة جنس ذلك الوصف لنوع ذلك الحكم ، كما في سقوط ما يحتاج إلى النيّة عن الصبي ، فإنّ العجز بسب عدم العقل وهو جنس للعجز بسبب الصبي مؤثّر في سقوطه ، أو عليّة ذلك النوع من الوصف لجنس ذلك الحكم ، كما في سقوط الزكاة عمّن لا عقل له ، فإنّ العجز بواسطة عدم العقل مؤثّر في سقوط ما يحتاج إلى النيّة ، وهو جنس لسقوط الزكاة أو عليّة جنس الوصف لجنس الحكم ، كما في سقوط الزكاة عن الصبي لتأثير العجز بسبب عدم العقل في سقوط ما يحتاج إلى النية. وعند أصحاب الشافعي رحمهالله تعالى أخص من ذلك وهو أن يثبت بنصّ أو إجماع اعتبار عين الوصف في عين ذلك الحكم ، أي نوع الوصف في نوع الحكم. ولذا قال الغزالي : المؤثّر مقبول باتفاق القائسين.
واعلم أنّ المراد من اعتبار نوع الوصف في نوع الحكم اعتبار الوصف المذكور في الحكم المذكور ، هكذا يستفاد من التلويح والچلپي. وذكر فخر الاسلام في بعض مصنّفاته عدالة الوصف تثبت بالتأثير ، وهو أن يكون لجنس ذلك الوصف تأثير في جنس ذلك الحكم في موضع آخر نصا أو إجماعا ، كذا في بعض شروح الحسامي. فإن ظهر أثر جنس الوصف في عين الحكم أو ظهر أثر عين الوصف في جنس الحكم أو عينه كان معدودا في التأثير أيضا بالطريق الأولى ، كما أشار إليه صاحب نور الأنوار. فرجع ما ذكره فخر الإسلام إلى
__________________
(١) [للحكم ... علة] (+ م).
(٢) تحقيق (م).
(٣) عن (م).